ولأخصمنه، وأخذ عظمًا باليًا فجعل يفته بيده وهو يقول: يا محمد، أترى الله يحيي هذا بعدما قد رم؟ ! قال صلى الله عليه وسلم:"نعم، ويبعثك ويدخلك جهنم". وقيل: معنى قوله: {فَإِذَا.
قوله:(ولأخصمنه)، وخاصمت فلانا فخصمته أخصمه بالكسر، ولا يقال بالضم، وهو شاذ. ومنه قراءة حمزة:" وهم يخصمون".
قوله:(نعم، ويبعثك ويدخلك جهنم)، من الأسلوب الحكيم، أي: إحياؤه مما لا كلام فيه، فسل عن حالك كيف تصير إلى جهنم؟ قيل: ليس هذا من الأسلوب الحكيم في شيء، بل أجاب وزاد في الجواب بالبعث والعقاب.
فيقال: الأسلوب الحكيم: هو تلقي المخاطب بغير ما يترقب والسائل بغير ما يتطلب، فقوله صلوات الله عليه:" ويبعثك ويدخلك جهنم" هو الجواب المفحم، وقوله:"نعم" توطئة للجواب، واللعين لم يترقب ذلك، على أن سؤاله ذاك لم يكن سؤال مسترشد طالب للحق بل سؤال متعنت متهكم لم يقنع بلا ونعم. فكيف لا وقد أسلف: ألا ترون ما يقول محمد: إن الله يبعث الأموات إلى آخر ما ذكره، نظيره قوله تعالى:{قُلْ نَعَمْ وَأَنْتُمْ دَاخِرُونَ}[الصافات: ١٨] جوابًا عن قولهم: {أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ}[الصافات: ١٦] على أن الزائد على الجواب لا يتبينه إلا الحكيم الحاذق.
قال الراغب: السؤال ضربان: سؤال جدل وحقه أن يطابقه جوابه لا زائدًا عليه ولا ناقصًا عنه، وسؤال تعلم وحق المعلم أن يصير فيه كطبيب رفيق يتحرى شفاء سقيم فيطلب ما يشفيه طلبه المريض أو لم يطلبه.