العِظَامَ} إنكار لخلق تلك العظام الرميمة البالية بعينها إحياء، فلو لم يكن المراد من قوله:{يُحْيِيهَا} أن الله يجعلها أحياء بعينها لم يطابق السؤال الجواب.
وقال الإمام رحمه الله: إعادة المعدوم عندنا جائز خلافًا لجهور الفلاسفة خذلهم الله، الكرامية وطائفة من المعتزلة. وقال أيضًا: والدليل على أن حشر الأجساد حق أن عود البدن في نفسه ممكن والله قادر على كل الممكنات. وعالم بكل المعلومات فكان القول بالحشر ممكنًا والأنبياء قد أخبروا عن وقوعه، والصادق إذا أخبر عن وقوع شيء ممكن وجب القطع بصحته، وإنما احتجنا إلى إثبات القدرة والعلم، لأنه تعالى إذا علم بجميع المعلومات علم بأجزاء تلك العظام النخرة والجلود المتمزقة المتلاشية في أقطار الآفاق، وإذا قدر على جميع المقدورات كان قادرًا على تمييز الأجزاء وجمعها وإعادتها كما كانت أول مرة فسبحان الخلاق العليم. هذا تلخيص كلام الإمام.
وقال: قد جمع الله سبحانه وتعالى هذه المقدمات بأسرها صريحًا في جوابه عن قولهم {مَن يُحْيِي العِظَامَ وهِيَ رَمِيمٌ}، أما ما يدل إثبات القدرة على الممكن فهو قوله:{يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ} وقوله: {الَّذِي جَعَلَ لَكُم مِّنَ الشَّجَرِ الأَخْضَرِ نَارًا} إلى آخره، وأما ما يدل على إثبات العلم بالجزئيات فهو قوله:{وهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ}، وأما ما يدل على الإخبار عن الصادق فهو قوله:{قُلْ}، أي: قل أيها الصادق المصدوق المشهور عندهم بالأمين، الثابت نبوته بالدلائل والبرهان، فظهر أن الوجه الأول من الوجهين اللذين ذكرهما المصنف هو الوجه تصحيحًا وذوقًا.
أما التصحيح فكما مر، وأما الذوق فإن لفظة"مثل" ههنا كناية عن المخاطبين نحو قولك: مثلك يجود، وهو المراد من قوله:"أن يخلق مثلهم" في الصغر والقماءة ثم الالتفات