{وهُوَ الخَلاَّقُ}: الكثير المحذوفات {العَلِيمُ}: الكثير المعلومات. وقرئ:(الخالق). {إنَّمَا أَمْرُهُ}: إنما شأنه {إذَا أَرَادَ شَيْئًا}: إذا دعاه داعي حكمة إلى تكوينه ولا صارف {أَن يَقُولَ لَهُ كُن}: أن يكونه من غير توقف {فَيَكُونُ} فيحدث، أي: فهو كائن موجود لا محالة. فإن قلت: ما حقيقة قوله: {أَن يَقُولَ لَهُ كُن}؟ قلت: هو مجاز من الكلام وتمثيل؛ لأنه لا يمتنع عليه شيء من المكونات، وأنه بمنزلة المأمور المطيع إذا ورد عليه أمر الآمر المطاع. فإن قلت: فما وجه القراءتين في {فَيَكُونُ}؟ قلت: أما الرفع؛ فلأنها جملة من مبتدأ وخبر؛ لأن تقديرها: فهو يكون، معطوفة على مثلها؛ وهي: أمره أن يقول له: كن. وأما النصب؛ فللعطف على {يَقُولُ}،
من قوله:{الَّذِي جَعَلَ لَكُم} إلى قوله: {مِثْلَهُم} لمزيد الاحتقار والازدراء أي: مثل أولئك البعداء، ولأن وزان هذه الآية وزان قوله:{لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ}[غافر: ٥٧] ولو جعل المثل بمعنى مثل المبتدأ لفات أكثر هذه الفوائد.
قوله:(وتمثيل لأنه لا يمتنع) أي: تمثيل لعدم الامتناع، فاللام صلة وليس بتعليل. والضمير فيه للبيان، وقوله:"وأنه بمنزلة المأمور" عطف تفسيري عليه، والضمير للشيء؛ فالممثل الشيء المكون والممثل به المأمور المطيع، والتمثيل "كن فيكون" لأنه اللفظ المستعار لذلك المعنى، ولو أريد التعليل لقيل تمثيل، لأنه ليس ثم قول ولا أمر ولا مأمور حقيقة.
قوله:(فما وجه القراءتين في {فَيَكُونُ}؟ ) يعني الرفع والنصب. النصب ابن عامر والكسائي، والباقون بالرفع.
قوله:(وأما النصب فللعطف على {يَقُولُ})، قال أبو علي في "الإغفال": لا يجوز أن يكون جوابًا لقوله: "كن" لأن الجواب بالفاء إنما يكون لغير الموجب نحو: النفي والأمر والنهي والتمني والعرض.