للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فإن قلت: فقد تقدم {كُنْ} وهو أمر فهلًا جاز انتصابه به نحو: أتيتني فأعطيك؟

قلت: كن وإن كان على لفظ فليس بأمر، لأن الأمر يقتضي مأمورًا موجودًا أو معدومًا، فإن كان موجودًا فلا وجه للأمر، وإن كان معدومًا، فلا يجوز أن يؤمر المعدوم بالكون والحدوث لما يلزم أن يكون المأمور المعدوم فاعلًا لنفسه كما يكون المتلقي لما يؤمر به وذلك فاسد. وإذا لم يكن أمرًا كان خبرًا، وإذا كان خبرًا لم يجز انتصاب الفعل بعدها على حد ما تنتصب الأفعال، ويكون المعنى- والله أعلم-: فإنما يكونه فيكون، ففاعل الفعل اسم الله تعالى، وأما ما في "النحل" فالرفع على "فهو يكون"؛ لأن المعنى ليس على جواب الأمر كقولك: قم فأعطيك، فالأول أمر والثاني ضمان، فقوله: كن "للأمر فيكون" ما يقع من المأمور.

وعن أبي العباس: فإنما يقول له كن فيكون "رفع ولا يجوز إلا الرفع لأنه ليس مثل قوله تعالى: {لَا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا فَيُسْحِتَكُمْ} [طه: ٦١] لأن الأول منهم والثاني من غيرهم، ووجه النصب على الجواب. فأما إذا كان ألأول والثاني من واحد، فلم يكن إلا العطف، فقوله: {كُن فَيَكُونُ} ليس منه القول ومن المخلوق شيء، وليس هو أكثر من التكوين والإيجاد.

وقال أيضًا: ليس كن مثل قم فأعطيك، لأن أحد الفعلين مع المخاطب والآخر منك، ومن نصب نصب فهو على ما ذكر، وليس على الجواب. ذكره في البقرة عند قوله: {فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا} [البقرة: ١٠٢].

ويمكن أن يقال: إنك إذا قلت لزيد: اضرب عمرًا فضرب، فهم أن ضربه مسبب عن قولك، لا عن اضرب.

<<  <  ج: ص:  >  >>