قال صاحب "الانتصاف": جعل الزمخشري الأول للأفضل بدءًا بالأهم فالأهم وعكسه مراعاة للترقي.
وقلت: مثال الأهم ما روينا من حديث مصعب: "ثم الأمثل فالأمثل"، ومثال الترقي قوله تعالى:{فَيَاتِيَهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ * فَيَقُولُوا هَلْ نَحْنُ مُنْظَرُونَ}[الشعراء: ٢٠٢ - ٢٠٣].
وقال صاحب "الفرائد": ويمكن أن يقال: المراد الطوائف التي يحصل منهن الصف والزجر والتلاوة في سبيل الله وطلب رضاه، سواء كانوا ملائكة أو غيرها من العلماء والغزاة، فيدخل فيه كل طائفة حصلت فيها هذه الصفات، ولذلك أطلقت.
وقلت: يمكن أن يرجح الوجه الأول -وهو أن يراد صفوف الملائكة- بما روى محيي السنة عن ابن عباس والحسن وقتادة: هم الملائكة في السماء يصفون كصفوف الخلق في الدنيا. وبما روينا عن البخاري ومسلم وغيرهما عن جابر بن سمرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألا تصفون كما تصف الملائكة عند ربهم" قلنا: وكيف تصف الملائكة عند ربهم؟ قال:"يتمون الصفوف المقدمة ويتراصون في الصف". وبما يقتضيه قوله:{أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَم مَّنْ خَلَقْنَا}، والمراد المذكورات في أول السورة.
قال المصنف في تفسيره: يريد ما ذكر من خلائقه من الملائكة والسماوات والأرض والمشارق والكواكب والشهب الثواقب والشياطين المردة، وغلب أولي العقل على غيرهم.