{فَتَوَلَّ عَنْهُمْ}: فأعرض عنهم وأغض على أذاهم {حَتَّى حِينٍ}: إلى مدة يسيرة؛ وهي مدة الكف عن القتال.
وعن السدي: إلى يوم بدر. وقيل: الموت. وقيل: إلى يوم القيامة.
{وَأَبْصِرْهُمْ} وما يقتضى عليهم من الأسر والقتل والعذاب في الآخرة، فسوف يبصرونك، وما يقضى لك من النصرة والتأييد والثواب في العاقبة. والمراد بالأمر بإربصارهم على الحال المنتظرة الموعودة: الدلالة على أنها كائنة واقعة لا محالة، وأن كينونتها قريبة كأنها قدام ناظريك. وفي ذلك تسلية له وتنفيس عنه. وقوله:{فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ} للوعيد كما سلف، لا للتبعيد.
مثل العذاب النازل بهم بعد ما أنذروه فأنكروه بجيش أنذر بهجومه قومه بعض بصاحهم فلم يلتفتوا إلى إنذاره، ولا أخذوا أهبتهم، ولا دبروا أمرهم تدبيرًا ينجيهم، حتى أناخ بفنائهم بغتة، فشن عليهم الغارة وقطع دابرهم، وكانت عادة
قوله:(الدلالة على أنها كائنة) يعني: إنما أمر الله نبيه صلوات الله وسلامه عليه بقوله: {وَأَبْصِرْهُمْ} والمبصر منتظر بعد، للدلالة على أن وعد الله الآتي بمنزلة الكائن استحضارًا لتلك الحالة الآتية، كما في قوله تعالى:{وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُءُوسِهِمْ}[السجدة: ١٢].
قوله:{فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ} للوعيد كما سلف)، يعني: قوله: " {وَأَبْصِرْهُمْ} وما يقضى عليهم من الأسر" إلى قوله: "وما يقضى لك من النصرة والتأييد والثواب في العاقبة" لا للتعبيد، كما تقول: سوف أنتقم منك، وأنت متهيئ للانتقام.
قوله:(فشن عليهم الغارة) شن الماء على الشراب: فرقه عليه، ومنه قيل: شن عليهم الغارة وأشن، إذا فرقها عليهم من كل وجه.