مغاويرهم أن يغيروا صباحًا، فسميت الغارة "صباحًا"، وإن وقعت في آخر. وما فصحت هذه الآية، ولا كانت لها الروعة التي تحس بها ويروقك تواردها على نفسك وطبعك، إلا لمجيئها على طريقة التمثيل. وقرأ ابن مسعود:(فبئس صباح). وقرئ:(نزل بساحتهم) على إسناده إلى الجار والمجرور، كقولك: ذهب بزيد، و (نزل) على: ونزل العذاب. والمعنى: فساء صباح المنذرين صباحهم. واللام في {الْمُنذِرِينَ} مبهم في جنس من أنذروا؛ لأن "ساء" و"بئس" يقتضيان ذلك. وقيل: هو نزول رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الفتح بمكة.
وعن أنس رضي الله عنه: لما أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر وكانوا خارجين إلى مزارعهم ومعهم المساحي، قالوا: محمد والخميس، ورجعوا إلى حصنهم. فقال عليه السلام:"الله أكبر خربت خيبر، إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين". وإنما ثني
قوله:(مغاويرهم) جمع مغوار، وهو كثير الغارة. الجوهري: رجل مغوار ومغاور، أي: مقاتل، وقوم مغاوير، وخيل مغيرة.
قوله:(واللام في {الْمُنذِرِينَ} مبهم في جنس من أنذروا) ولا يجوز أن يكون للعهد؛ لأن أفعال المدح والذم تقتضي الشيوع للإبهام والتفصيل. لا يجوز أن تقول: بئس الرجل هذا، ونعم الرجل هذا، إذا أردت رجلًا بعينه.
قوله:(وعن أنس: لما أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم)، الحديث أخرجه البخاري ومسلم والنسائي عنه مع زيادات، وهذه الرواية مختصر منه.
النهاية: الخميس: الجيش، سمي به لأنه مقسوم خمسة أقسام: المقدمة، والساقة، والميمنة، والميسرة، والقلب. وقيل: لأنه تخمس فيه الغنائم. و"محمد" خبر مبتدأ محذوف، أي: هذا محمد صلوات الله عليه.