للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

{أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعَالِينَ} به؛ لأن أصله"أستكبرت أم علوت؟ " فأريد مزيد الإنكار عليه، فقيل: أستكبرت أم كنت الذي علوت؟ كما نقل عن سيبويه: أنت الذي يفعل، على الخطاب، ثم لمزيد التوبيخ جمعه وأدخله في زمرة العالين وقال: {أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعَالِينَ} فوضع {مِنَ الْعَالِينَ} موضع"الذي علوت"، كقوله تعالى {إِنِّي لِعَمَلِكُمْ مِنَ الْقَالِينَ} [الشعراء: ١٦٨]، أي: قال، وقولك: فلان من العلماء، أي: عالم، إيذانًا بأن له مساهمة معهم في العلم وأن الوصف كاللقب المشهود له، وإنما قلنا: إن الأصل ذلك؛ لأنه قال في قوله تعالى: {وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِن رَّبِّ الْعَالَمِينَ} [الأعراف: ٦١]، {أُبَلِّغُكُمْ رِسَلَاتِ رَبِّي} [الأعراف: ٦٢]، أبلغكم صفة {رَسُولٌ} وجاز وإن كان الرسول لفظه لفظ الغائب؛ لأن الرسول واقع خبرًا عن ضمير المتكلم فكان في معناه، فعلم أن أصله: لكني أبلغكم رسالات ربي، فأدخل: {رَسُولٌ مِن رَّبِّ الْعَالَمِينَ} توطئةً وتمهيدًا المزيد الإيهام والتعظيم.

ومن الأسلوب ما روينا في حديث جبير بن مطعم عن النبي صلى الله عليه وسلم: "لي خمسة أسماء: أنا محمد، وأحمد، وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر، وأنا الحاشر الذي يحشر الناس على قدمي، وأنا العاقب". أخرجه مسلم والبخاري.

أنا الذي سمتني أمي حيدره .... كليث غابات كريه المنظره

لأنه رضي الله عنه بيدي به بسالته، وأنه ممن لا يخفى حالة على أحد في شجاعته، ولو قيل: أنا الذي سمته أمه حيدرة؛ لكان أخبر عن شخص ما بينه وبين المخاطب عهد، وأنه مسمى بهذا الاسم، فقال: أنا ذلك المسمى فاعرفه، لكن عدل إلى قوله: "سمتني" لتلك النكتة، وإن شئت أن تعرف أن الموصولات مقحمة للتفخيم جرب ذوقك في الحديث الذي رويناه: "وقل: أنا الماحي يمحو الله بي الكفر، وأنا الحاشر يحشر الناس على قدمي":

<<  <  ج: ص:  >  >>