للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والملعون؛ لأن من طرد رمي بالحجارة على أثره. والرجم: الرمي بالحجارة. أو لأن الشياطين يرجمون بالشهب. فإن قلت: قوله: {لَعْنَتِي إلَى يَوْمِ الدِّينِ} كأن لعنة إبليس غايتها يوم الدين ثم تنقطع؟ قلت: كيف تنقطع وقد قال الله تعالى: {فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ} [الأعراف: ٤٤]. ولكن المعنى: أن عليه اللعنة في الدنيا، فإذا كان يوم الدين اقترن له باللعنة ما ينسى عنده اللعنة، فكأنها انقطعت.

[{قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِي إلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ * قَالَ فَإنَّكَ مِنَ المُنظَرِينَ * إلَى يَوْمِ الوَقْتِ المَعْلُومِ} ٧٩ - ٨١]

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (اقترن له باللعنة ما ينسى عنده اللعنة)، يريد: أن اللعنة في الدنيا هي الطرد والبعد، فهي مطلقة من العذاب، فينتهي هذا المطلق ذلك اليوم ثم يصير المطلق مقيدًا بالعذاب، ونحوه حديث عائشة رضي الله عنها: "إذا حاضت حرم الحجران"، ومعناه أن حرمه الدبر قبل الحيض منفردة، وإذا حاضت انضمت إلى حرمة الدبر حرمة القبل وانقطع انفراد حرمة الدبر.

قال صاحب"الفرائد": سألني بعض الأكابر عن هذا فقلت: اللعنة: التبعيد عن رحمة الله تعالى، وتبعيد إبليس في كل زمان إلى يوم القيامة؛ لأن تبعيده بقدر إغوائه عباد الله وذلك إلى يوم القيامة؛ لأنه جاء يوم القيامة لم يكن له إغواء فبعده من رحمة الله في التزايد إلى يوم القيامة، فقبلوا هذا الجواب واستحسنوه.

وقلت: هاهنا ثلاث عبارات: {يَوْمُ الدِّينِ} [الصافات: ٢٠]، وهو: يوم الجزاء، و {يَوْمَ يُبْعَثُونَ} [الشعراء: ٨٧]، وهو يوم الحشر، و {يَوْمِ الوَقْتِ المَعْلُومِ} [ص: ٨١]، وهو الوقت الذي فيه النفخة الأولى، ولا ارتياب أن إغواءه إنما ينتهي إلى آخر أيام التكليف وهو الوقت المعلوم، ولهذا لما طلب الإغواء إلى يوم البعث أجيب إلى يوم الوقت المعلوم، واختصاص يوم الدين؛ لأجل أن الجزاء والعذاب إنما يبتدأ منه، فصح قول المصنف.

<<  <  ج: ص:  >  >>