للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

به؛ ومرفوعين على أن الأول مبتدأ محذوف الخبر، كقوله: {لَعَمْرُكَ} [الحجر: ٧٢]، أي: فالحق قسمي لأملأن، والحق أقول، أي: أقول، كقوله:

كله لم أصنع

ومجرورين: على أن الأول مقسم به قد أضمر حرف قسمه، كقولك: الله لأفعلن، و"الحق" أقول، أي: ولا أقول إلا "الحق" على حكاية لفظ المقسم به، ومعناه: التوكيد والتشديد. وهذا الوجه جائز في المنصوب والمرفوع أيضًا، وهو وجه دقيق حسن.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (كقوله: كله لم أصنع)، يعني: أن الضمير المنصوب محذوف للتخفيف، تقديره: لم أصنعه. أوله لأبي النجم:

قد أصبحت أم الخيار تدعي .... علي ذنبًا كله لم أصنع

"كله" لم ينصبه؛ ولأنه لو نصبه لكان ذلك إقرارًا منه بأنه قد صنع بعضه، ورفعه ليؤذن بأنه لم يصنع منه شيئًا قط، ففي أحدهما: سلب العموم، وفي الآخر: عموم السلب.

قوله: (وهو وجه حسن دقيق)، أي: جعل الثاني حكاية عن الأول ومعربًا بإعرابه، فتقول على المجرور: فالله لأملأن جهنم. والحق أن القسم حق، وعلى المنصوب: فالله لأملان، والحق أن هذا القول حق، وعلى المرفوع: فالحق قسمي لأملأن.

{والْحَقَّ أَقُولُ}، أي: هو سنتي وعادتي، فعلى هذا لا يكون اعتراضًا بل يكون لمجرد التوحيد كالتكرير.

فإن قلت: فسر على تقدير النصب معنى قوله: "الحق أقول" على الحصر بقوله: "ولا أقول إلا الحق" وهو جائز؛ لأنه مفعول قدم على عامله؟ وما وجهه على الجر؟

<<  <  ج: ص:  >  >>