للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقرئ: برفع الأول وجره مع نصب الثاني، وتخريجه على ما ذكرنا.

{مِنْكَ}: من جنسك؛ وهم الشياطين، {وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ} من ذرية آدم. فإن قلت: {أَجْمَعِينَ} تأكيد لماذا؟ قلت: لا يخلو أن يؤكد به الضمير في {مِنْهُمْ}، أو الكاف في {مِنْكَ} مع (من تبعك). ومعناه: لأملأن جهنم من المتبوعين والتابعين أجمعين، لا أترك منهم أحدًا. أو: لأملأنها من الشياطين وممن تبعهم من جميع الناس، لا تفاوت في ذلك بين ناس وناس بعد وجود الأتباع منهم من أولاد الأنبياء وغيرهم.

[{قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ ومَا أَنَا مِنَ المُتَكَلِّفِينَ * إنْ هُوَ إلاَّ ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ * ولَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ} ٨٦ - ٨٨]

{عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ} الضمير للقرآن، أو للوحي، {ومَا أَنَا مِنَ المُتَكَلِّفِينَ}: من الذين يتصنعون ويتحلون بما ليسوا من أهله، وما عرفتموني قط متصنعًا ولا مدعيًا ما ليس

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قلت: إنه على القسم، والقسم في المعنى يفيد معنى الحصر والجزم في القول.

قوله: (وتخريجه على ما ذكرنا)، فرفع الأول للابتداء، وجره للقسم، ونصب الثاني على أنه مفعول مقدم، والجملة معترضة.

قوله: (ومعناه: لأملأن جهنم من المتبوعين والتابعين {أَجْمَعِينَ})، هذا على أن يكون {أَجْمَعِينَ} تأكيدًا للكاف مع {مَنِ اتَّبَعَكَ} [الحجر: ٤٢]، فيرجع معنى التأكيد إلى التابع والمتبوع معًا، ولذلك قال: "لا أترك منهم أحدًا"، وقوله: "أو لأملأنها من الشياطين وممن يتبعهم من جميع الناس"، وعلى هذا يرجع معنى التأكيد إلى التابعين دون المتبوعين، ولذلك قال: "من جميع الناس، لا تفاوت في ذلك بين ناس وناس"؛ وإنما ترك توكيد الشياطين لما أن حال التابعين إذا بلغ إلى أن اتصل إلى أولاد الإنسان، فما بال المتبوعين؟

قوله: (وما عرفتموني قط متصنعًا)، يعنى: أن قوله: {ومَا أَنَا مِنَ المُتَكَلِّفِينَ} ليس

<<  <  ج: ص:  >  >>