كما يفعل بمن يشرف ويكرم من الوافدين على بعض الملوك، فشتان ما بين السوقين. {طِبْتُمْ} من دنس المعاصي، وطهرتم من خبث الخطابا {فَادْخُلُوهَا} جعل دخول الجنة مسببًا عن الطيب والطهارة، .......
تفصيل لمراتبهم ومنازلهم في السبق وعلو الدرجة، أو على سبيل التمثيل؛ لأن تفاوتهم في المراكب بحسب تفاوت نفوسهم واختلاف أقدامهم في العلم والعمل.
قوله:(جعل دخول الجنة مسببًا عن الطيب والطهارة)، يعني: رتب الأمر بالدخول بالفاء على {طِبْتُمْ}. قال الإمام: قالت المعتزلة: هذا يدل على أن أحدًا لا يدخلها إلا إذا كان طاهرًا عن كل المعاصي. وإلى هذا أشار المصنف بقوله:"فما أبعد أحوالنا من تلك المناسبة" إلى قوله: "إلا أن يهب لنا الوهاب الكريم توبة نصوحًا" تعريضًا.
وقلت: ويحصل ذلك أيضًا بأن يبدل الله سيئاتهم حسنات فيدخلون طاهرين طيبين بفضل الله، على أن أحدًا لا يدخلها إلا بفضله.
روينا عن البخاري ومسلم، عن أبي هريرة وجابر قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قاربوا وسددوا واعلموا أنه لا ينجو أحد منكم بعمله"، قالوا: ولا أنت؟ قال:"ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمته". وفي رواية أخرى لأبي هريرة:"لن يدخل أحدًا منكم عمله الجنة". وبالشفاعة أيضًا، والأحاديث فيها بلغت مبلغ التواتر، وبعد التعذيب أيضًا على ما روينا عن مسلم، عن جابر في حديث طويل:"أن قومًا يخرجون من النار بعد أن يكونوا فيها فيخرجون كأنهم عيدان السماسم، قال: فيدخلون نهرًا من أنهار الجنة فيغتسلون فيه فيخرجون كأنهم القراطيس". يؤيده ما رواه الواحدي عن قتادة: إنهم طيبوا قبل