للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

دخول الجنة بالمغفرة واقتص بعضهم من بعض، فلما هذبوا وطيبوا قال لهم الخونة: {طِبْتُمْ فَادْخُلُوها}.

اعلم أن خاصية التركيب ومقتضى التأليف لا يساعد تفسير المصنف "السوق" بقوله: "والمراد بسوق أهل الجنة: سوق مراكبهم لأنه لا يذهب بهم إلا راكبين"، ولا تأويله {الَّذِينَ اتَّقَوْا} بقوله: "وقيل: في زمر الذين اتقوا؛ هي الطبقات المختلفة: الشهداء والزهاد والعلماء والقراء"؛ لأن الآيات من باب الجمع مع التقسيم، فإن قوله: {وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ} جمع الأنفس كلها في حكم توفي أجور الأعمال صالحها وسيئها. وقوله: {وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا} وقوله: {وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا} إلى آخر الآيات تقسيم لذلك الجمع وتفصيل لذلك المجمل، وقد أوثر فيهما الذين كفروا والذين اتقوا على الكافرين والمتقين ليدل على العموم قال في قوله تعالى: {وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ} [هود: ١١٣]. وتأمل قوله تعالى: {وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا} [هود: ١١٣] أي: الذين وجد منهم الظلم، ولم يقل: إلى الظالمين. وأوقع {زُمَرًا} في الموضعين حالًا من ضمير الفريقين؛ ليدل على أنهم على طرائق شتى أفواجا متفرقة على تفاوت منازلهم مراتبهم، كما ورد في حديث أبي هريرة: "صنفًا مشاة، وصنفًا ركبانًا، وصنفًا على وجوههم، واثنان على بعير، وثلاثة على بعير، ورأبعة على بعير"، وحققه القاضي، وقوبل كل من المفضلين بالآخر فوجب أن يفسر {الَّذِينَ اتَّقَوْا} بما يكون مقابلا لقوله: " الذين كفروا وكذبوا بآيات الله ورسله واليوم الآخر وغلبت عليهم شقوتهم وحقت عليهم كلمة العذاب"، بأن يقال: وسيق الذين اتقوا الشرك وآمنوا بآيات الله ورسله وباليوم الآخر إلى الجنة زمرًا، فرقة طيبين، وفرقة طابوا بالشفاعة، وفرقة هذبوا بالاقتصاص، وأخرى نجوا بالمغفرة وأدركتهم كلمة ربهم الحسنى، كما قال: {وَيُنَجِّي اللهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفَازَتِهِمْ} كما حقت كلمة العذاب على أولئك الأشقياء.

<<  <  ج: ص:  >  >>