والسين للمبالغة، أى يسألون أنفسهم الفتح عليهم، كالسين في استعجب واستسخر، أو يسأل بعضهم بعضا أن يفتح عليهم (فَلَمَّا جاءَهُمْ ما عَرَفُوا) من الحق (كَفَرُوا بِهِ) بغياً وحسداً وحرصاً على الرياسة. (عَلَى الْكافِرِينَ) أى عليهم وضعا للظاهر موضع المضمر؛
وقوله:(يَسْتَفْتِحُونَ) معناه: يستعملون خبره من الناس، وقيل: يطلبون من الله تعالى بذكره الظفر، وقيل: كانوا يقولون: إنا ننصر بمحمد صلوات الله عليه على عبدة الأوثان.
قوله:(والسين للمبالغة) أي: هو من باب التجريد، جردوا من أنفسهم أشخاصاً، وسألوهم الفتح. المعنى: يا نفس عرفي الكافرين أن نبياً يبعث إليهم وهو المراد بقوله: "أي يسألون أنفسهم الفتح عليهم"، ومنه قولهم: مر مستعجلاً. أي: مر طالباً للاستعجال من نفسك مكلفاً إياها التعجيل.
قوله:(أو يسأل بعضهم بعضاً أن يفتح عليهم) يعني أن أهل الكتاب كان يقول بعضهم لبعض: انصرني على الكافرين نقاتل مع النبي المبعوث. هذا مثل الوجه الأول في أن السين مجرى على الحقيقة. وفي أن الفتح مضمن معنى النصرة بواسطة "على"، والوجه الثاني من قولهم: فتح عليه كذا، إذا أعلمه ووقفه عليه، كقولهم: أتحدثونهم بما فتح الله عليكم. ويجوز أن يراد: أو يسأل بعضهم بعضاً أن يعلموا الكفار أن نبياً يبعث.
الراغب: الاستفتاح: طلب الفتح، والفتح ضربان: فتح إلهي، وهو النصرة بالوصول إلى العلوم والهدايات التي هي ذريعة إلى الثواب والمقامات المحمودة، وفتح دنيوي، وهو النصرة في الوصول إلى اللذات البدنية.