للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تفسير الزجاج. فإن قلت: هلا قيل: في يومين! وأي فائدة في هذه الفذلكة؟ قلت: إذا قال في أربعة أيام، وقد ذكر أن الأرض خلقت في يومين؛ علم أن ما فيها خلق في يومين، فبقيت المخايرة بين أن يقول: في يومين، وأن يقول: في أربعة أيام سواء، فكانت في أربعة أيام سواء فائدة ليست في يومين؛ وهي الدلالة على أنها كانت أيامًا كاملة بغير زيادة ولا نقصان. ولو قال: في يومين، وقد يطلق اليومان على أكثرهما:

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ومضمن ما يقوم مقام الفذلكة؛ إذ قد ذكر جملة العدد الذي هو ظرف لخلقها وخلق أقواتها، وعلى اختيار الزمخشري تكون الفذلكة مذكورة من غير تقدم تصريح بجملة تفاصيلها، فلم يذكر سوى يومين، والفذلكة بتقدم فيها النص على جميع أعدادها، كقوله: {تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ} [البقرة: ١٩٦].

وقلت: أي حاجة إلى النص وقد دل التنصيص في قوله: {خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ} على أن التقدير: وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها وقدر فيها أقواتها في يومين آخرين، ثم يقال: كل ذلك في أربعة أيام؟ على أن في تفسير الزجاج الاختلاف الذي بين الإمامين.

قال الشافعي: المتعقب للجمل يعود إليها جميعًا، وأبو حنيفة خص بالأخيرة، ولنا الأصل اشتراك المعطوف والمعطوف عليه في المتعلقات.

قوله: (وقد يطلق اليومان على أكثرهما)، قال صاحب "الفرائد": لا شك أنه صح أن يقال: فعلته في يومين، وكان الفعل في أقل منهما. ويصح أن يقال: فعلته في يومين، وكان الفعل في أكثر منهما. فإذا عرفت هذا تقول: يمكن أن يكون خلق الأرض في أقل من يومين، وجعل رواسي من فوقها، وتقدير الأقوات وغيرهما في يومين وبقية اليومين المذكورين، وكان خلق الأرض وجعل رواسي فيها وغيره في أربعة أيام من غير زيادة ولا نقصان، فعلى هذا لم يجز إلا أن يقال: في أربعة أيام.

<<  <  ج: ص:  >  >>