وقيل: قوله: "قد يطلق اليومان على أكثرهما" غير مختص بل على أقل منهما أيضًا، وقد يراد باليومين يوم ونصف مثلًا، فإن بعض الشيء قد يسمى باسمه كقوله تعالى:{الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ}[البقرة: ١٩٧] والمراد شوال وذو القعدة وتسع من ذي الحجة وليلة النحر، وفيه بحث؛ لأن أبا علي قال في "الحجة": "سمي الشهرين وبعض الثالث أشهرًا، لأن الاثنين قد يوقع عليه لفظ الجمع، كما في قوله:
ظهراهما مثل ظهور الترسين
فعلى هذا لا يجوز أن يوقع على الاثنين وبعض الثالث "قروء" في قوله تعالى: {ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ}[البقرة: ٢٢٨]، لأن هذا محصور بالعدد فلا يكون اثنان وبعض الثالث ثلاثة"، وهذا يدفع قول المصنف:"وقد يطلق اليومان على أكثرهما".
وقلت: لا يدفع؛ لأن إطلاق الجمع على الاثنين وعلى أكثر منه بطريق الاشتراك واختلاف اللغتين سائغ وإطلاق العدد المخصوص على أكثر منه وأقل بطريق التغليب والمجاز شائع، ومن ثم قال في قوله تعالى:{فَقَضاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ فِي يَوْمَيْنِ} وقد فسر بأنه تعالى خلق السماوات في يومين وفرغ في آخر ساعة من يوم الجمعة فخلق فيها آدم، في هذا دليل على ما ذكرته من أنه لو قيل:"في يومين" في موضع "أربعة أيام سواءً" لم يعلم أنهما يومان كاملان أم ناقصان؛ لأنه تعالى لم يخلق السماوات في يومين كاملين على هذا؛ لأنه خلق آدم في آخر ساعة من باقي اليوم، وكما دل عليه الحديث الذي رويناه عن مسلم.
فإن قلت: ما الداعي إلى صرف الآية عن حقيقتها، وانه تعالى حلق الأرض في يومين وخلق ما فيهما في أربعة أيام؟ قلت: لزوم ما قاله الإمام أن قوله: {فَقَضاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ فِي يَوْمَيْنِ} إذا جمع مع العدد يصير ثمانية، وقد ذكر في سائر الآيات أنه خلق السماوات والأرض في ستة أيام.