للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقرئ بضم الثاء. {فَهَدَيْناهُمْ}: فدللناهم على طريقى الضلالة والرشد، كقوله تعالى: {وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ} [البلد: ١٠]. {فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدى}: فاختاروا الدخول في الضلالة على الدخول في الرشد. فإن قلت: أليس معنى هديته: حصلت فيه الهدى، والدليل عليه قولك: هديته فاهتدى، بمعنى: تحصيل البغية وحصولها، كما تقول: ردعته فارتدع، فكيف ساغ استعماله في الدلالة المجرّدة؟ قلت: للدلالة على أنه مكنهم، وأزاح عللهم، ولم يبق له عذرًا ولا علة، فكأنه حصل البغية فيهم بتحصيل ما يوجبها ويقتضيها. {صاعِقَةُ الْعَذابِ}: داهية العذاب، وقارعة العذاب. والْهُونِ: الهوان، وصف به العذاب مبالغة، أو أبدله منه، ولو لم يكن في القرآن حجة على القدرية -الذين هم مجوس هذه الأمة بشهادة نبيها صلى الله عليه وسلم، وكفى به شاهدًا- إلا هذه؛ لكفى بها حجة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (وقرئ بضم الثاء) وعن بعضهم: الثمد، قلة الماء، يقال: ركية ثمود، قليلة الماء. والثمود جمع ثمد، فكأنهم سموا بذلك؛ لأنهم كانوا قليلي الماء.

قوله: (ولو لم يكن في القرآن حجة على القدرية -الذين هم مجوس هذه الأمة بشهادة نبيها صلى الله عليه وسلم، وكفى به شاهدًا- إلا هذه؛ لكفى بها حجة) أنطقه الله الذي أنطق كل شيء.

نبه أهل السنة على الأدلة التي تلزمهم والحجة التي تبهرهم، وها هنا أبحاث لا بد منها، وهي أن القدر ما هو لغة وعرفًا؟ ثم بعد تحققه من أولى بهذه التسمية؟ ثم ما وجه مناسبة القدري بالمجوس؟ ثم تلفيق الآية بعد تحقق معناها.

فنقول -وبالله التوفيق-: أما تحقيق القدر لغة فقد ذكر في "الأساس": هو قادر مقتدر وقدرة ومقدرة، وأقدره الله عليه وقادرته، قاويته. والأمور تجري بقدر الله ومقداره وتقديره وأقداره ومقاديره.

الجوهري: القدر ما يقدر الله تعالى من القضاء. وقال أبو سليمان الخطابي: معنى

<<  <  ج: ص:  >  >>