للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

القدر والقضاء الإخبار عن تقدم علم الله بما يكون من أفعال العباد وأكسابهم وصدورها عن تقدير منه وخلق له خيرها وشرها. والقدر اسم لما صدر مقدرًا عن فعل القادر، كالهدم والقبض اسم لما صدر عن فعل الهادم والقابض. يقال: قدرت الشيء بالتخفيف والتثقيل. وأما النقل فقوله تعالى: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ {[القمر: ٤٩] وسيجيء تقريره.

وروينا عن الترمذي وأبي داود: قال عبد الرحمن بن سليم: قدمت مكة فلقيت عطاء بن رباح فقلت: يا أبا محمد، إن بالبصرة قومًا يقولون: لا قدر. قال: يا بني، أتقرأ القرآن؟ قلت: نعم. قال: فاقرأ "الزخرف فقرأت: {حم * وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ} [الزخرف: 1 - 2] إلى قوله: {وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ} [الزخرف: 4] قال: أتدري ما الكتاب؟ فقلت: لا. قال: فغنه كتاب كتبه الله قبل أن يخلق السماوات والأرض، فيه ان فرعون من أهل النار، وفيه {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ} [المسد: 1].

وعن البخاري ومسلم، عن عمر وأبي هريرة: "ان تؤمن بالقدر خيره وشره"، الحديث المستفيض. وعن مسلم ومالك وأحمد بن حنبل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "كل شيء بقدر حتى العجز والكيس".

والحاديث المروية في القدر لا تحصى كثرة، فثبت بما أوردناه أن اسم القدر يطلق على ما يقدره الله من الخير والشر، وبناء النسبة منه قدري، وهو يحتمل في نفسه ان يكون صفة مدح وصفة ذم، ويحتمل ان يطلق على من يقول: إن المقدورات كلها بخلق الله تعالى، وعلى من يثبت للغير قدرة مستقلة، رجحنا الثاني لكونها صفة ذمه، وأن القول بإثبات القدرة للغير على خلاف قول الله تعالى وقول رسوله صلوات الله عليه، فثبت ان هذا الوصف بالمعتزلة أولى.

<<  <  ج: ص:  >  >>