وروينا عن أبي داود عن حذيفة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لكل امة مجوس، ومجوس هذه المة الذين يقولون لا قدر، من مات منهم فلا تشهدوا جنازته، ومن مرض منهم فلا تعودوه، وهم شيع الدجال". وعنه عن ابن عمر ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"القدرية مجوس هذه المة". الحديث.
واما وجه المشابهة فإن القدرية يثبتون قادرًا مستقلًا غير الله، كما أن المجوس يثبتون قادرين فاعلين: فاعل خير محض وفاعل شر محض، ويسمون الأول بيزدان والثاني باهرمن. واما تفسير الهداية بالدلالة الموصلة إلى البغية حقيقة، وبمجرد الدلالة مجازًا عن إزاحة العلة وتمكينهم على الإيمان، فقول مجرد عن تقليد المذهب وقد استقصينا القول فيها في "البقرة".
قال صاحب "الانتصاف": الهدى من الله خلق الهدى في قلوب المؤمنين، والإضلال خلق الضلال في قلوب الكافرين، وقد استعملا مجازًا في غير ذلك، ففي هذه الآية المراد البيان، وقد اتفق الفريقان على ان الهدى ها هنا مجاز غير أن اهل السنة يحملونه في كثير من المواضع على الحقيقة، والمعتزلة يجعلونه مجازًا في جميع موارده، فأي الفريقين أحق بالأمن؟ وأي دليل في هذه الآية لأهل البدعة؟
قال الإمام: قالت المعتزلة: الآية دالة على انه تعالى ينصب الدلائل ويزيح الأعذار والعلل؛ إلا أن الإيمان يحصل من العبد؛ لأن قوله:{وًامَّا ثَمُودَ فَهَدَيْنَاهُمْ} يدل على نصب الأدلة وإزاحة العلة. وقوله:{فَاسْتَحَبُّوا الْعَمى عَلَى الْهُدى} يدل على أنهم من عند أنفسهم اتوا بذلك العمى.