للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإن قلت: لم يقولوه لأنهم علموا أنهم لا يصدّقون. قلت: كم حكى عنهم من أشياء قاولوا بها المسلمين من الافتراء على اللَّه وتحريف كتابه وغير ذلك مما علموا أنهم غير مصدقين فيه ولا محمل له إلا الكذب البحت ولم يبالوا، فكيف يمتنعون من أن يقولوا إنّ التمني من أفعال القلوب وقد فعلناه، مع احتمال أن يكونوا صادقين في قولهم وإخبارهم عن ضمائرهم، وكان الرجل يخبر عن نفسه بالإيمان فيصدّق مع احتمال أن يكون كاذبا لأنه أمر خافٍ لا سبيل إلى الاطلاع عليه. (وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ) تهديد لهم. (وَلَتَجِدَنَّهُمْ) هو من وجد بمعنى: علم؛ المتعدي إلى مفعولين في قولهم: وجدت زيداً ذا الحفاظ ومفعولاه "هم" (أَحْرَصَ). فإن قلت: لم قال: (عَلى حَياةٍ) بالتنكير؟ قلت: لأنه أراد حياة مخصوصة وهي الحياة المتطاولة، ولذلك كانت القراءة بها أوقع من قراءة أبىّ (على الحياة). (وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا) محمول على المعنى لأن معنى أحرص الناس: أحرص من الناس. فإن قلت: ألم يُدخلِ (الذين أَشْرَكُوا) تحت الناس؟ قلت: بلى، ولكنهم أفردوا بالذكر؛

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

في الجواب. أي: ولئن سلم أن التمني بالقلوب، فلابد من الإظهار بالقول بأن يقولوا: تمنيناً بقلوبنا رداً منهم لقوله: (وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَداً) ولكن ما نقل أنهم قالوه. فعلم أنهم ما تمنوا.

قوله: (لم يقولوه) وارد على الجواب الثاني، يعني إذا قدر أن التمني من أعمال القلوب، لا يجب أن يقولوا بألسنتهم: تمنيناً، ليدفعوا قوله تعالى: (وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ) لقيام المانع، وهو عدم تصديق المؤمنين إياهم، فالتمني واقع فلا يكون معجزة، وأجاب: أن عدم تصديق المؤمنين ليس بمانع لأن يقولوا: تمنيناً؛ لأنه تعالى كم حكى عنهم من أشياء لم يصدقهم المؤمنون فيها، فهذا من ذلك.

قوله: (محمول على المعنى) قال صاحب "الإقليد": تقول: زيد أفضل من القوم، ثم تحذف "من" وتضيفه. والمعنى على إثبات "من".

<<  <  ج: ص:  >  >>