للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لأن حرصهم شديد. ويجوز أن يراد: وأحرص من الذين أشركوا، فحذف لدلالة (أَحْرَصَ النَّاسِ) عليه. وفيه توبيخ عظيم: لأنّ الذين أشركوا لا يؤمنون بعاقبة ولا يعرفون إلا الحياة الدنيا، فحرصهم عليها لا يستبعد لأنها جنتهم، فإذا زاد عليهم في الحرص من له كتاب وهو مقرّ بالجزاء كان حقيقاً بأعظم التوبيخ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قال صاحب "المرشد": فإن قلت: فلم جيء بـ "من" في الثاني دون الأول؟ قلت: لأن "أفعل" إذا أضفته إلى جملة هو بعضها لم يحتج إلى ذكر من، فهو إما إضافة الواحد إلى جنسه، أو إضافة البعض إلى الكل فتقول: زيد أفضل الناس، وعبدك خير العبيد. فلو قلت: عبدك خير الأحرار، وزيد أفضل إخوته، لم يجز، لأن إخوة زيد غير زيد، وهو خارج من جملتهم، ولو قلت: زيد أفضل الإخوة، جاز، لأنه أحد الإخوة، فعلى هذا قوله: (وَلَتَجِدَنَّهُمْ) يعني: علماء اليهود أحرص الناس، أضافهم إلى ما بعدهم؛ لأنهم من جملة الناس، ثم قال: (وَمِنْ الَّذِينَ أَشْرَكُوا) والمراد بالمشركين المجوس في أصح الأقاويل، للتحية التي كانت لهم إذا عطس العاطس قالوا: عش ألف سنة، وهم غير اليهود، فهو مثل: زيد أفضل من إخوته.

ولا يبعد أن يحمل على هذا قول المصنف: "وقيل: أراد بالذين أشركوا المجوس" وقوله: "ويجوز أن يراد: وأحرص "من الذين أشركوا" عطف على قوله: "محمول على المعنى" وهذا قول مقاتل فيكون "من الذين أشركوا" عطفاً على ثاني مفعولي "لتجدنهم" على حذف "أحرص" لدلالة الأول عليه.

فإن قلت: ما الفرق بين الوجهين، وعائدتهما راجعة إلى شدة حرصهم، وأنهما من باب عطف الخاص على العام كقوله: "وملائكته وجبريل"؟

<<  <  ج: ص:  >  >>