فإن قلت: لم زاد حرصهم على حرص المشركين؟ قلت: لأنهم علموا - لعلمهم بحالهم - أنهم صائرون إلى النار لا محالة والمشركون لا يعلمون ذلك.
وقيل: أراد بالذين أشركوا المجوس، لأنهم كانوا يقولون لملوكهم: عش ألف نيروز وألف مهرجان. وعن ابن عباس رضى اللَّه عنه: هو قول الأعاجم: زى هزار سال. وقيل (وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا) كلامٌ مبتدأ، أى ومنهم ناس (يَوَدُّ أَحَدُهُمْ)، على حذف الموصوف كقوله:(وَما مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقامٌ مَعْلُومٌ)[الصافات: ١٦٤]. و (الذين أشركوا) على هذا: مشارٌ به إلى اليهود؛ لأنهم قالوا:(عُزَيْرٌ ابنُ اللَّهِ)[التوبة: ٣٠]. والضمير في (وَما هُوَ) لـ (أَحَدُهُمْ). و (أَنْ يُعَمَّرَ) فاعلٌ (بمزحزحه)، .........
قوله:(وقيل: أراد بالذين أشركوا المجوس) قال الواحدي: هو قول أبي العالية والربيع، وإنما وصفوا بالإشراك لأنهم يقولون بالنور والظلمة، ويزدان وإهرمن، وهم موصوفون بالحرص على الحياة، ولهذا تحيتهم: زي هزار سال.
قوله:(و (الَّذِينَ أَشْرَكُوا) على هذا مشار به إلى اليهود) يعني: أقيم المظهر مقام المضمر، ولهذا قدر "ومنهم ناس" ليؤذن أن الموحد يحب لقاء الله كما أن المشرك يكره لقاء الله، ولهذا قال المعري: هذا الوجه أحسن وأعرب.