للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والهذيان والرمل وما أشبه ذلك، حتى تخلطوا على القارئ وتشوّشوا عليه وتغلبوه على قراءته. كانت قريش توصي بذلك بعضهم بعضًا. {فَلَنُذِيقَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا} يجوز أن يريد بـ {الَّذِينَ كَفَرُوا}: هؤلاء اللاغين والآمرين لهم باللغو خاصة، وأن يذكر الذين كفروا عامة لينطووا تحت ذكرهم. قد ذكرنا إضافة {أَسْوَأَ}

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (والرمل)، الأساس: من المجاز كلام مرمل، أي مزيف، وعن بعضهم: الرمل الرجز يقال أراجيز العرب؛ وهو ما يقوله الصبيان من العرب وما يقوله المقاتلة في الحرب فيما بينهم.

الجوهري: الرمل جنس من العروض.

قوله: (ويجوز أن يريد بـ {الَّذِينَ كَفَرُوا}) يروى بالواو وبغير الواو، ويروى وأن يذكر الذين كفروا، ولكن ذكر الأول أصح دراية؛ لن التقدير يجوز ان يريد بالذين كفروا هؤلاء اللاغين وضعًا للمظهر موضع المضمر، ويجوز ان يذكر الذين كفروا عامة، فيدخل فيه هؤلاء اللاغين دخولًا أوليًا.

قوله: (قد ذكرنا إضافة {أَسْوَأَ}) أي: في سورة "الزمر" عند قوله تعالى: {لِيُكَفِّرَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي عَمِلُوا} [الزمر: ٣٥] وذكر فيه ان إضافة "أسوأ" ليس من إضافة أفعل إلى ما أضيف إليه لقصد الزيادة عليه، ولكن من إضافة الشيء إلى ما هو بعضه من غير تفضيل، كقولك: الأشج أعدل بني مروان. لأن التقدير: ليجزيهم أسوأ جزاء الذي كانوا يعملون، وهذا غير مستقيم على التفضيل؛ لن الكفرة مجزيون بالعذاب الشديد، وليس المراد أن بالعذاب سوءًا وأسوأ، وانهم مجزيون بالأسوأ دون السوء، ويمكن أن تجري الإضافة على ظاهرها، ويكون عطف قوله: {وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي} الآية على قوله: {فَلَنُذِيقَنَّ} الآية، على نحو عطف "جبريل" على "ملائكته"، كأنه قيل: فلنذيقن أولئك اللاغين بما فعلوا من الشرك والإفساد والعصيان عذابًا شديدًا، وخصوصًا لنجزينهم أسوأ

<<  <  ج: ص:  >  >>