للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

جزاء أعمالهم من الاستهزاء بىيات الله وتحقير القرآن المجيد، وقولهم: {لا تَسْمَعُوا لِهذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ}.

والنظم يساعد هذا التأويل؛ لأنه لما رتب ر على ما سبق وعطف عليه {وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ} بعد إثبات الكفر لهم والاستخفاف بكتاب الله المجيد علل استحقاق العذاب الشديد بوضع {الَّذِينَ كَفَرُوا} موضع الضمير تقريرًا، وعلل استحقاق الأسوأ بوضع {أَعْداءِ اللَّهِ} موضع {هُمْ} تلويحًا، وأشير إلى الأسوأ وهو قريب باسم الإشارة الدال على البعد؛ ليؤذن بالفرق بين الجزاءين والبون بين الكفرتين ثم بين بان هذا الجزاء الخاص موجبه ذلك الاستخفاف تصريحًا بأن ختم الكلام بقوله: {جَزاءً بِما كانُوا بِآياتِنا يَجْحَدُونَ} واعاد بذكر الجزاء، ووضع الآيات موضع القرآن، واوثر صيغة التعظيم تربية لتلك الفوائد وترشيحًا لها، وعبر عن اللغو بالجحد ردًا للعجز على الصدر كما قال المصنف: "أي: جزاء بما كانوا يلغون فيها" فذكر الجحود الذي هو سبب اللغو، وهذا نوع من انواع رد العجز على الصدر؛ لما بين قولهم: {لا تَسْمَعُوا لِهذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ} الآية، وبين قوله: {بِما كانُوا بِآياتِنا يَجْحَدُونَ} من التوافق المعنوي؛ لأن من يستهزئ بالقرآن لا بد أن يكون جاحدًا له، فظهر أن الإضافة في الآية مما قصد بها الزيادة على ما أضيف إليه، ولما ألحق المصنف هذا الأسوأ بذلك، نحن نلحق ذلك بهذا النشر بعضد هذا التقرير.

وفي هذه الاعتبارات تعريض بمن لا يكون عند كلام الله المجيد خاضعًا خاشعًا متفكرًا متدبرًا، وتهديد ووعيد شديد لمن يصدر عنه عند سماعه ما يشوش على القارئ ويخلط عليه القراءة، وإرعاد وإبراق لمن يدرك منه قلة مبالاة به؛ فضلًا عمن ينبذه وراءه ظهريًا؛ واشتغل بما ينافيه من العلوم المذمومة، فانظر إلى عظمة القرىن المجيد، وتأمل في هذا التغليظ والتشديد، واشهد لمن عظمه وأجل قدره وألقى إليه السمع وهو شهيد بالفوز العظيم والدرجات المقيم، رزقنا الله وإياكم معاشر الإخوان توقير كلام الله وتوقير حرمته، واستنباط دقيق معانيه، وتحقيق مبانيه، ووفقنا بفضله وجوده للعمل بما فيه، إنه خير مامول ونعم مسؤول.

<<  <  ج: ص:  >  >>