للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[{وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صالِحًا وَقالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} ٣٣]

{مِمَّنْ دَعا إِلَى اللَّهِ} عن ابن عباس: هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، دعا إلى الإسلام {وَعَمِلَ صالِحًا} فيما بينه وبين ربه، وجعل الإسلام نحلة له. وعنه: أنهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم. وعن عائشة رضي الله عنها: ما كنا نشك أنّ هذه الآية نزلت في المؤذنين. وهي عامة في كل من جمع بين هذه الثلاث: أن يكون موحدًا معتقدًا لدين الإسلام، عاملًا بالخير، داعيًا إليه؛ وما هم إلا طبقة العالمين العاملين من أهل العدل والتوحيد، الدعاة إلى دين الله. وقوله: {وَقالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} ليس الغرض أنه تكلم بهذا الكلام، ولكن جعل دين الإسلام مذهبه ومعتقده، كما تقول:

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

{نُزُلًا} حالًا من الموصول، أي لكم الذي تدعونه معدًا. ولا يكون جمع "نازل" بل هو من النزل الذي يجعل للضيفان، وهذا إنما يكون على قول من رفع بالظرف كقولهم: في الدار زيد قائمًا، وأما من رفع بالابتداء فلا يكون حالًا من "ما" ولكن من الضمير في الظرف، أو من الضمير المنصوب المحذوف، أي ما تدعونه نزلًا.

قوله: (نجلة (أي؛ ملة ومذهبًا له. الجوهري: فلان ينتحل مذهب كذا وقبيلة كذا؛ إذا انتسب إليه.

قوله: (ليس الغرض أنه تكلم بهذا الكلام، ولكن جعل دين الإسلام مذهبه ومعتقده)، نحوه قال في قوله: {إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} [البقرة: ١٣١]، قال: ومعنى "قال له أسلم" قال: أخطر بباله النظر في الدلائل المؤدية إلى المعرفة والإسلام "فقال أسلمت"، أي: فنظر وعرف.

قال الإمام: إن السعادة لها مرتبتان: التام، وفوق التام، أما التام فهو أن يكتسب من الصفات الفاضلة ما لأجلها يصير كاملًا في ذاته، فقوله: {إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>