لكتابهم وموافقاً له وهم كارهون للقرآن ولموافقته لكتابهم؛ ولذلك كانوا يحرفونه ويجحدون موافقته له، كقولك: إن عاداك فلان فقد آذيته وأسأت إليه.
أفرد الملكان بالذكر؛ لفضلهما، كأنهما من جنس آخر، وهو مما ذكر أن التغاير في الوصف ينزل منزلة التغاير في الذات. وقرئ:(ميكال) بوزن قنطار، و (ميكائيل) كميكاعيل، و (ميكائل) كميكاعل، و (ميكئل) كميكعل، و (ميكئيل) كميكعيل. قال ابن جني: العرب إذا نطقت بالأعجمي خلطت فيه. (عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ) أراد: عدو لهم، فجاء بالظاهر؛ ليدل على أن الله إنما عاداهم لكفرهم، وأن عداوة الملائكة كفر، وإذا كانت عداوة الأنبياء كفراً فما بال الملائكة وهم أشراف! والمعنى: من عاداهم عاداه الله .....
قوله:(أفرد الملكان بالذكر) يعني: ذكر جنس الملائكة، ثم أفرد جبرئيل وميكائيل منهم، وعطفهما عليهم، ليدل على فضلهما، كأنهما ليسا من جنس الملائكة لاختصاصهما بمزايا وفضائل؛ لأن التغاير في الوصف ينزل منزلة التغاير في الذات. قال أبو الطيب:
وإن تفق الأنام وأنت منهم … فإن المسك بعض دم الغزال
أي: المسك لا يعد من الدماء لما فيه من الخصلة التي لا توجد في الدم.
قوله:(وقرئ: ميكال) أي: بغير همز ولا ياء: أبو عمرو وحفص، و"ميكائل" بهمزة مكسورة بغير ياء: نافع، والباقون: بياء بعد الهمزة، والبواقي: شاذة.
قوله:(والمعنى: من عاداهم عاداه الله) تلخيص معنى الشرط والجزاء، ولو قال: من عادى جبريل عاداه الله كان أظهر، لأن القوم إنما أظهروا عداوة جبريل فحسب، فذكر الله والملائكة والرسل للتوطئة نحو قوله تعالى:(الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ)[الأحزاب: ٥٧].