فإن قلت: فما معنى إدخال العفو في حكم الإيباق حيث جزم جزمه؟ قلت: معناه: أو إن يشأ يهلك ناسًا وينج ناسًا على طريق العفو عنهم. فإن قلت: فمن قرأ "وَيَعْفُو"؟ قلت: قد استأنف الكلام.
[{وَيَعْلَمَ الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِنا ما لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ} ٣٥]
فإن قلت: فما وجوه القراءات الثلاث في {وَيَعْلَمَ}؟ قلت: أما الجزم فعلى ظاهر العطف، وأما الرفع فعلى الاستئناف، وأما النصب فللعطف على تعليل محذوف،
قوله:(فما وجوه القراءات الثلاث في {وَيَعْلَمَ}؟ ): الرفع: قراءة نافع وابن عامر، والنصب: الباقون، والجزم: شاذ.
أما الجزم: فعلى ظاهر العطف، فيكون التشريك بينهما في المسببية، وأما الرفع: فهو ما ذكره ابن الحاجب: إما أن يقصد إلى عطف الجملة على موضع الجزم المتقدم، باعتبار كونها جملة، لا باعتبار عطف مجرد الفعل، فعلى هذا يكونان أيضًا مشتركين في المسببية، أو يكون إخبارًا بوقوع ذلك، لا على تشريك بينه وبين ما قبله. وهو المراد من قول المصنف:"فعلى الاستئناف".
وقلت: مرجع الاستئناف أيضًا إلى التعليل، وتفويض استفادته إلى الذهن، وهذا البحث قريب مما في "المفصل": " {أَوْ يُسْلِمُونَ}[الفتح: ١٦]: بالنصب غلى إضمار "أن"، والرفع على الاشتراك بين {يُسْلِمُونَ} و {تُقَاتِلُونَهُمْ}، أو على الابتداء"، في "الإقليد": أن أردت الابتداء قدرت: "أو هم يسلمون"، فالمعنى: أن المؤمنين هم المتولون للقتال، وسيجيء الكلام فيه مستقصى.