للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

من: ظل يظل ويظل، نحو: ضل يضل ويضل، {رَواكِدَ} ثوابت لا تجري، {عَلى ظَهْرِهِ} على ظهر البحر، {لِكُلِّ صَبَّارٍ} على بلاء الله، {شَكُورٍ} لنعمائه، وهما صفتا المؤمن المخلص، فجعلهما كناية عنه، وهو الذي وكل همته بالنظر في آيات الله، فهو يستملي منها العبر.

{يُوبِقْهُنَّ} يهلكهن، والمعنى: أنه إن يشأ يبتلي المسافرين في البحر بإحدى بليتين؛ إما أن يسكن الريح فيركد الجواري على متن البحر، ويمنعهن من الجري، وإما أن يرسل الريح عاصفة فيهلكهن إغراقًا بسبب ما كسبوا من الذنوب، {وَيَعْفُ عَنْ كَثِيرٍ} منها.

فإن قلت: علام عطف {يُوبِقْهُنَّ}؟ قلت: على {يُسْكِنِ}، لأنّ المعنى: إن يشأ يسكن الريح فيركدن، أو يعصفها فيغرقن بعصفها.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (وهما صفتا المؤمن): قال الإمام: "المؤمن لا يخلو من أن يكون في السراء والضراء، فإن كان في الضراء: كان من الصابرين، وإن كان في السراء: كان من الشاكرين"، روى محيي السنة في "المصابيح" عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "عرض على ربي ليجعل لي بطحاء مكة ذهبًا، فقلت: لا يا رب، ولكن أشبع يومًا وأجوع يومًا، فإذا جعت تضرعت إليك وذكرتك، وإذا شبعت حمدتك وشكرتك".

قوله: (فجعلهما كناية عنه): ونحوها قولك: الإنسان حي مستوي القامة عريض الأظفار. وأقول: حسن موقع هذه الكناية في هذا المقام: أن مواجب الصبر والشكر لم تتبين في سائر الحالات ظهوره في حالتي الركوب في البحر والخروج منه، كقوله تعالى: {حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ} [يونس: ٢٢] الآيات.

قوله: (يستملي منها العبر)، الجوهري: "استمليت الكتاب: سألته أن يمليه علي".

?

<<  <  ج: ص:  >  >>