"ما" الأولى ضمنت معنى الشرط، فجاءت الفاء في جوابها، بخلاف الثانية، عن علي رضي الله عنه: اجتمع لأبي بكر رضي الله عنه مال، فتصدق به كله في سبيل الله والخير، فلامه المسلمون، وخطأه الكافرون، فنزلت.
قوله: (فكيف يصح المعنى على جزم "ويعلم"؟ ): يعني: يرجع معنى الجزم إلى قوله: "ومن آياته الجوار في البحر كالأعلام، أن يشأ يعلم الذين يجادلون في آياتنا"، فما معناه؟ وأجاب: بأن معناه التحذير، وتقريره أن يقال: ومن آياته الجوار في البحر كالأعلام، أن يشأ يهلك المؤمن العاصي بسبب عصيانه، ويعف عن كثير، لشمول رحمته وعميم لطفه، وإن يشأ ينتقم من الكافر بكفره، ويجازيه على صرف آيات الله المنبثة في الآفاق على اختلاف أنواعها وحيًا ونظرًا عن مواقعها، ولكن أمهل لصبره وحمله، فكما عبر عن المؤمن بقوله:{صَبَّارٍ شَكُورٍ}، عبر عن الكافر بقوله:{الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِنَا}، نعم جاء ذكر الكافر مستطردًا لذكر العاصي وعصيانه، لأن "يعفو عن كثير" في الآيتين: وارد في حق المؤمنين، -كما مر- والله أعلم.
قوله: ("ما" الأولى ضمنت معنى الشرط): من حيث أن إيتاء ما أوتوا سبب للتمتع في الحياة الدنيا، فجاءت الفاء في جوابها، وأما "ما" الثانية: فموصولة مبتدأ، والخبر {خَيْرٌ}، المعنى: وما استقر عند الله من الثواب في العقبى خير للمؤمنين المتوكلين المجتنبين كبائر الإثم