للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[{وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَواحِشَ وَإِذا ما غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ} ٣٧]

{وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ} عطف على {الَّذِينَ آمَنُوا}، وكذلك ما بعده. ومعنى {كَبائِرَ الْإِثْمِ} الكبائر من هذا الجنس، وقرئ: "كبير الإثم"، وعن ابن عباس: كبير الإثم هو الشرك. {هُمْ يَغْفِرُونَ} أي: هم الأخصاء بالغفران في حال الغضب، لا يغول الغضب أحلامهم كما يغول حلوم الناس، والمجيء ب {هُمْ}، وإيقاعه مبتدأ، وإسناد {يَغْفِرُونَ} إليه: لهذه الفائدة، ومثله: {هُمْ يَنْتَصِرُونَ} [الشورى: ٣٩].

[{وَالَّذِينَ اسْتَجابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ} ٣٨]

{وَالَّذِينَ اسْتَجابُوا لِرَبِّهِمْ} نزلت في الأنصار، دعاهم الله عز وجل للإيمان به وطاعته، فاستجابوا له بأن آمنوا به وأطاعوه، {وَأَقامُوا الصَّلاةَ} وأتموا الصلوات الخمس، وكانوا قبل الإسلام وقبل مقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، إذا كان بهم أمر اجتمعوا وتشاوروا، فأثنى الله عليهم،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الكاظمين الغيظ المستجيبين لربهم. هذا هو الذي عناه بقوله: " {والَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الإثْمِ} عطف على {لِلَّذِينَ آمَنُوا}، وكذلك ما بعده".

قوله: (لا يغول الغضب أحلامهم)، الجوهري: "كل ما اغتال الإنسان فأهلكه: فهو غول، و"الغضب غول الحلم"؛ لأنه يغتاله ويذهب به".

قوله: (وكانوا قبل الإسلام إذا كان بينهم أمر اجتمعوا وتشاوروا): يريد: أن قوله: {وأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ} جملة اسمية عطفت على الفعلية، وعطفت عليها الفعلية، فآذن بأن مضمونها مستمر منهم، وهو دأبهم وعادتهم قبل استجابتهم لربهم، وقبل إقامة الصلاة والإنفاق في سبيل الله؛ لاستحداثهم إياها بعد المشورة. وفيها أيضًا حمل المصدر على الأمر والشأن للمبالغة، أي: أمرهم وشأنهم ذو مشورة، أو ذات مشورة، أو عينها، وفيها أن أمورهم مبينة على الرشد والصلاح لما تقرر أنه ما تشاور قوم إلا هدوا لأرشد أمرهم.

?

<<  <  ج: ص:  >  >>