للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هو أن يقتصروا في الانتصار على ما جعله الله لهم ولا يعتدوا

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أنظر؛ فإن أستخلف فقد استخلف من هو خير مني -يعني: أبا بكر رضي الله عنه-، وإن أترك فقد ترك من هو خير مني- يعني: رسول الله صلى الله عليه وسلم -، ولن يضيع الله دينه.

فخرجوا، ثم راحوا، فقالوا: يا أمير المؤمنين، لو عهدت عهدًا، فقال: لقد كنت أجمعت بعد مقالتي أن أولي رجلًا هو أجرؤكم أن يحملكم على الحق، وأشار إلى علي رضي الله عنه، فرهقتني غشية، فرأيت رجلًا دخل جنة، فجعل يقطف كل غضة ويانعة، فيضمه إليه ويصيره تحته، فعلمت أن الله غالب [على] أمره، فما أردت أن أتحملها حيًا ميتًا، عليكم بهؤلاء الرهط الذين قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنهم من أهل الجنة"؛ علي وعثمان وسعد والزبير وطلحة وعبد الرحمن، فليختاروا منهم رجلًا، فإذا ولوا رجلًا فأحسنوا مؤازرته وأعينوه"؛ إلى آخر القصة.

فإن قلت: أي الأمرين أولى؟ قلت: الذي اختاره رضي الله عنه، ولعل نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم في ترك الأمر شورى إلى أن الأمر نبوة لا ملك، وأن أمته أخيار إنما يختارون ما هو الدين ورضا الله، دون هوى الأنفس، ألا ترى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بم قابل الشورى في قوله: "إذا كان أمراؤكم خياركم، وأغنياؤكم أسخياءكم، وأمركم شورى بينكم، فظهر الأرض خير لكم من بطنها، وإذا كان أمراؤكم شراركم، وأغنياؤكم بخلاءكم، وأمركم إلى نسائكم، فبطن الأرض خير لكم من ظهرها"، وفي الآية إيماء إلى هذا المعنى، والله أعلم.

قوله: (هو أن يقتصروا في الانتصار على ما جعله الله لهم، ولا يعتدوا): يعني: دل التركيب على مزيد اختصاصهم بالانتصار، وذلك لمجيء الضمير وإيقاعه مبتدأ، وإسناد

?

<<  <  ج: ص:  >  >>