للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أو من صلة {يأتِي}، أي: من قبل أن يأتي من الله يوم لا يقدر أحد على ردّه، والنكير: الإنكار، أي: ما لكم من مخلص من العذاب، ولا تقدرون أن تنكروا شيئًا مما اقترفتموه ودوّن في صحائف أعمالكم.

[{فَإِنْ أَعْرَضُوا فَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا إِنْ عَلَيْكَ إِلاَّ الْبَلاغُ وَإِنَّا إِذا أَذَقْنَا الْإِنْسانَ مِنَّا رَحْمَةً فَرِحَ بِها وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَإِنَّ الْإِنْسانَ كَفُورٌ} ٤٨]

أراد بـ"الإنسان": الجمع لا الواحد؛ لقوله: {وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ}، ولم يرد إلا المجرمين، لأن إصابة السيئة بما قدّمت أيديهم إنما تستقيم فيهم، والرحمة: النعمة من الصحة والغنى والأمن، والسيئة: البلاء من المرض والفقر والمخاوف، والكفور: البليغ الكفران، ولم يقل: فإنه كفور؛ ليسجل على أن هذا الجنس موسوم بكفران النعم، كما قال: {إِنَّ الْإِنْسانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ} [إبراهيم: ٣٤]، {إِنَّ الْإِنْسانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ} [العاديات: ٦]، والمعنى: أنه يذكر البلاء وينسى النعم ويغمطها.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (ولم يقل: فإنه كفور؛ ليسجل على أن هذا الجنس موسوم بكفران النعم): فالتعريف في "الإنسان" الأول: للعهد، وفي الثاني: للجنس، والقرنية الدالة على العهد قوله: {بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ}، والمغيبون: الكفار المخاطبون؛ لترتب قوله: {فَإنْ أَعْرَضُوا} على قوله: {اسْتَجِيبُوا لِرَبِّكُم}، فهو من إقامة المظهر موضع المضمر؛ للإشعار بتصميمهم على الكفران، والإيذان بأنهم لا يرعوون مما هم فيه.

وأفرد الضمير في {فَرَحٍ}، وجمع في {وإن تُصِبْهُمْ}، وعم في {َإنَّ الإنسَانَ لَكَفُورٌ}، لمفهوم واحد على الترقي في معنى: ليس ببدع من هذا الإنسان المعهود: الإصرار؛ لأن هذا

?

<<  <  ج: ص:  >  >>