للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{أَنَّكُمْ} في محل الرفع على الفاعلية، يعني: ولن ينفعكم كونكم مشتركين في العذاب، كما ينفع الواقعين في الأمر الصعب اشتراكهم فيه، لتعاونهم في تحمل أعبائه، وتقسمهم لشدّته وعنائه، وذلك أنّ كل واحد منكم به من العذاب ما لا تبلغه طاقته.

ولك أن تجعل الفعل للتمني في قوله: {يا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ}، على معنى: ولن ينفعكم اليوم ما أنتم فيه من تمنى مباعدة القرين، وقوله: {أَنَّكُمْ فِي الْعَذابِ مُشْتَرِكُونَ} تعليل، أي: لن ينفعكم تمنيكم، لأنّ حقكم أن تشتركوا أنتم وقرناؤكم في العذاب، كما كنتم مشتركين في سببه وهو الكفر. وتقوّيه قراءة من قرأ: "إنكم" بالكسر.

وقيل: إذا رأى الممنوّ بشدّة من مني بمثلها،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وقريب منه ما قال صاحب "التيسير": كأنه قال: يا ليتني لم أكن صحبتك ولا عرفتك، ولا كانت بيني وبينك وصلة ولا تقارب، حتى كنا في التباعد كأن أحدنا بالمشرق والآخر بالمغرب، لا يلتقيان ولا يتقاربان، فجعلهما "مشرقين": كالقمرين والعمرين، وأنشد الزجاج:

لنا قمراها والنجوم الطوالع

وأما قول صاحب "الانتصاف": "إنه من اللف": فضعيف؛ لأن معنى اللف: هو أن يلف بين الشيئين في الذكر، ثم يتبعهما كلامًا مشتملًا على متعلق بواحد وبآخر من غير تعيين، كما في قوله: {وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى} [البقرة: ١١١]، فقوله: {وَقَالُوا} لف من حيث المعنى، لأنه ضمير الفريقين بدلالة النشر عليه، وأين هاهنا ذاك؟ !

قوله: (الممنو): الأساس: "مني بكذا: بلي به، وهو ممنو به"، روى الزجاج عن المبرد:

?

<<  <  ج: ص:  >  >>