للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

روّحه ذلك ونفس بعض كربه، وهو التأسي الذي ذكرته الخنساء:

أعزى النّفس عنه بالتّأسى

فهؤلاء لا يؤسيهم اشتراكهم ولا يروّحهم؛ ، لعظم ما هم فيه.

فإن قلت: ما معنى قوله تعالى: {إِذْ ظَلَمْتُمْ}؟ قلت: معناه: إذ صح ظلمكم وتبين ولم يبق لكم ولا لأحد شبهة في أنكم كنتم ظالمين،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

"أنهم منعوا روح التأسي، لأن التأسي يسهل المصيبة، فأعملوا أنه لن ينفعكم الاشتراك في العذاب، وأن الله تعالى لا يجعل لهم فيها أسوة، وأنشد للخنساء:

يذكرني طلوع الشمس صخرًا .... وأذكره بكل مغيب شمس

ولولا كثرة الباكين حولي .... على إخوانهم لقتلت نفسي

وما يبكون مثل أخي ولكن .... أعزي النفس عنه بالتأسي"

وقلت: فعلى هذا القول: فاعل {لَن يَنفَعَكُمُ}: {أَنَّكُمْ}، كما في الوجه الأول، والمعنى: اليوم لا ينفعكم هذا المعنى، وهو أنكم في العذاب مشتركون، وقد علم عرفًا أنه ليس في اشتراك العذاب النفع البتة إلا التأسي، وهؤلاء حرموا التأسي أيضًا، لعظم ما هم فيه.

قوله: (ما معنى قوله: {إذ ظَّلَمْتُمْ}؟ ): قال أبو البقاء: "أما "إذ" فمشكلة الأمر؛ لأنها ظرف زمان ماض، و "لن ينفعكم"، وفاعله، واليوم المذكور: ليس بماض، قال ابن جني في مساءلته أبا علي: راجعته فيها مرارًا، فآخر ما حصل منه: أن الدنيا والأخرى متصلتان،

?

<<  <  ج: ص:  >  >>