قوله:(لا لطلب الميز): تأكيد لما نفي في المستثنى منه في قوله: "ما ضربوا هذا المثل لك إلا جدلًا"، أي: ليس قولهم: {أَآلِهَتُنَا خَيْرٌ أَمْ هُوَ}، إلا جدلًا صرفًا، ليس فيه سوى طلب الباطل والغلبة في القول، لأن"ما" في قوله: {إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ}[الأنبياء: ٩٨] عام يحتمل التخصيص بحسب المخاطبين واقتضاء المقام، فللمحق والمبطل مجال التأويل، فإن المحق حين سمع النصوص الدالة على تعظيم الملائكة وعيسى، وأن قوله:{إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ} خطاب مشافهة مع المشركين: لا يتصور دخولهم في هذا العام، والمعاند المكابر لا يلتفت إلى المقام، وحين رأى للجدال مجالًا انتهز الفرصة.
أما المقام: فإن الخطاب في قوله: {إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ} في المشركين، ومن ثم قدر محيي السنة " {إِنَّكُمْ} أيها المشركون {وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ} يعني: الأصنام، {حَصَبُ جَهَنَّمَ} ".
وأما توجيه كلامهم:{وقَالُوا أَآلِهَتُنَا خَيْرٌ أَمْ هُوَ}، فإنك تزعم أن آلهتنا ليس فيها خير، وأن عيسى نبي مكرم، فقولك:{إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ} يوجب المساواة، فإن كان الذي تقول بفضله ونبوته حصب جهنم، كان أمر آلهتنا هينًا.
وأما قوله:" هو لكم ولآلهتكم ولجميع الأمم": فليس بثبت.