للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والغلبة في القول، لا لطلب الميز بين الحق والباطل، {بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ} لدّ شداد الخصومة دأبهم اللجاج، كقوله تعالى: {قَوْمًا لُدًّا}] مريم: ٩٧]،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (لا لطلب الميز): تأكيد لما نفي في المستثنى منه في قوله: "ما ضربوا هذا المثل لك إلا جدلًا"، أي: ليس قولهم: {أَآلِهَتُنَا خَيْرٌ أَمْ هُوَ}، إلا جدلًا صرفًا، ليس فيه سوى طلب الباطل والغلبة في القول، لأن"ما" في قوله: {إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ} [الأنبياء: ٩٨] عام يحتمل التخصيص بحسب المخاطبين واقتضاء المقام، فللمحق والمبطل مجال التأويل، فإن المحق حين سمع النصوص الدالة على تعظيم الملائكة وعيسى، وأن قوله: {إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ} خطاب مشافهة مع المشركين: لا يتصور دخولهم في هذا العام، والمعاند المكابر لا يلتفت إلى المقام، وحين رأى للجدال مجالًا انتهز الفرصة.

أما المقام: فإن الخطاب في قوله: {إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ} في المشركين، ومن ثم قدر محيي السنة " {إِنَّكُمْ} أيها المشركون {وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ} يعني: الأصنام، {حَصَبُ جَهَنَّمَ} ".

وأما توجيه كلامهم: {وقَالُوا أَآلِهَتُنَا خَيْرٌ أَمْ هُوَ}، فإنك تزعم أن آلهتنا ليس فيها خير، وأن عيسى نبي مكرم، فقولك: {إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ} يوجب المساواة، فإن كان الذي تقول بفضله ونبوته حصب جهنم، كان أمر آلهتنا هينًا.

وأما قوله: " هو لكم ولآلهتكم ولجميع الأمم": فليس بثبت.

?

<<  <  ج: ص:  >  >>