للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقيل: لما سمعوا قوله: {إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ} [آل عمران: ٥٩]، قالوا: نحن أهدى من النصارى؛ لأنهم عبدوا آدميًا، ونحن نعبد الملائكة، فنزلت. وقوله: {أَآلِهَتُنا خَيْرٌ أَمْ هُوَ} على هذا القول: تفضيل لآلهتهم على عيسى، لأنّ المراد بهم الملائكة، و {مَا ضَرَبُوهُ لُكُ إِلَّا جَدَلًا}: معناه: وما قالوا هذا القول- يعني: {ءَآلهتنا خَيْرٌ أَمْ هُوَ} - إلا للجدال.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (وقيل: لما سمعوا [قوله]: {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ}): معطوف على قوله: "لما قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم على قريش: {إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ} [الأنبياء: ٩٨] "، في تفسير قوله: {ولَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا} الآية.

يعني: يجوز أن يراد بضارب ابن مريم مثلًا: عبد الله بن الزبعرى، كما في الوجه الأول، بدليل قوله: "ولما ضرب عبد الله بن الزبعرى عيسى ابن مريم مثلًا"، وأن يراد الله سبحانه وتعالى، كما في هذا الوجه، والمثل-على قول ابن الزبعرى- قوله: فلو كان هؤلاء في النار، فقد رضينا أن نكون نحن وآلهتنا معهم، وإنما سمي مثلًا لما فيه من الغرابة من بعض الوجوه، ولذلك فرح به المشركون، وضحكوا، وسكت النبي صلى الله عليه وسلم، وعلى هذا قوله: {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آَدَمَ} [آل عمران: ٥٩].

وفي قول المصنف: "هو- على هذا القول- تفضيل لآلهتهم على عيسى؛ لأن المراد بهم الملائكة": إدماج لمذهبه في غاية من الدقة في القول بتفضيل الملك على الأنبياء، وذلك لزعمه أنه ثبت بقوله: {خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ} [آل عمران: ٥٩]: أن عيسى عليه السلام مخلوق من تراب، واتفقنا على أن الملائكة روحانيون، فلا شك بتفضيلهم، وجواب الفريقين: قوله تعالى: {إنْ هُوَ إلاَّ عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ} الآية، يعني: ليس التفضيل بالقياس، بل باصطفائنا واختيارنا لمن نشاء، فإن عيسى إنما كان نبيًا مختارًا لأننا أنعمنا عليه بالكرامة والنبوة، وإن الملائكة إنما كانوا مقربين باختيارنا ومشيئتنا سبحانه وتعالى، ولو نشاء لجعلنا منكم- وأنتم شر الدواب عند الله-

?

<<  <  ج: ص:  >  >>