للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإن قلت: كيف قال: {وَنادَوْا يا مالِكُ} بعد ما وصفهم بالإبلاس؟ قلت: تلك أزمنة متطاولة وأحقاب ممتدة، فتختلف بهم الأحوال، فيسكتون أوقاتًا لغلبة اليأس عليهم، وعلمهم أنه لا فرج لهم، ويغوّثون أوقاتًا لشدّة ما بهم.

{ماكِثُونَ} لابثون، وفيه استهزاء، والمراد: خالدون. عن ابن عباس: إنما يجيبهم بعد ألف سنة. وعن النبي صلى الله عليه وسلم: «يلقى على أهل النار الجوع حتى يعدل ما هم فيه من العذاب، فيقولون: ادعوا مالكًا، فيدعون: يا مالك ليقض علينا ربك».

{لَقَدْ جِئْناكُمْ بِالْحَقِّ} كلام الله عز وجل، بدليل قراءة من قرأ: "لقد جئتكم"، ويجب أن يكون في {قَالَ} ضمير الله عز وجل. لما سألوا مالكًا أن يسأل الله تعالى القضاء عليهم، أجابهم الله بذلك. {كارِهُونَ} لا تقبلونه وتنفرون منه وتشمئزون منه، لأنّ مع الباطل الدعة، ومع الحق التعب.

[{أَمْ أَبْرَمُوا أَمْرًا فَإِنَّا مُبْرِمُونَ * أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْواهُمْ بَلى وَرُسُلُنا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ} ٧٩ - ٨٠]

{أَمْ} أبرم مشركو مكة {أَمْرًا} من كيدهم، ومكرهم برسول الله صلى الله عليه وسلم،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (ويغوثون): أي: يقولون: واغوثاه.

قوله: (وفيه استهزاء): أي: في قول مالك: {مَاكِثُونَ}، لأن حقه: "خالدون"، لأن المكث من الانتظار، ولا انتظارهم، يعلم من "الصحاح".

قوله: ({أَمْ} أبرم مشركو مكة {أَمْرًا})، الراغب: "الإبرام: إحكام الأمر، وأصله من إبرام الحبل، وهو ترديد فتله، والبريم: المبرم، أي: المفتول فتلًا محكمًا، والمبرم: الملح؛ تشبيها له بمبرم الحبل، ومن هذا قيل للبخيل الذي لا يدخل في الميسر: برم، كما يقال للبخيل: مغلول اليد".

<<  <  ج: ص:  >  >>