للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{فَإِنَّا مُبْرِمُونَ} كيدنا كما أبرموا كيدهم، كقوله: {أَمْ يُرِيدُونَ كَيْدًا فَالَّذِينَ كَفَرُوا هُمُ الْمَكِيدُونَ} [الطور: ٤٢]؟ وكانوا يتنادون فيتناجون في أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم.

فإن قلت: ما المراد بالسر والنجوى؟ قلت: السر ما حدث به الرجل نفسه أو غيره في مكان خال، والنجوى: ما تكلموا به فيما بينهم. {بَلى} نسمعهما ونطلع عليهما، {وَرُسُلُنا} يريد الحفظة عندهم {يَكْتُبُونَ} ذلك. وعن يحيى بن معاذ الرازي: من ستر من الناس ذنوبه، وأبداها للذي لا يخفى عليه شيء في السماوات، فقد جعله أهون الناظرين إليه، وهو من علامات النفاق.

[{قُلْ إِنْ كانَ لِلرَّحْمنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعابِدِينَ * سُبْحانَ رَبِّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ} ٨١ - ٨٢]

{قُلْ إِنْ كانَ لِلرَّحْمنِ وَلَدٌ} وصح ذلك وثبت ببرهان صحيح توردونه، وحجة واضحة تدلون بها، {فَأَنَا أَوَّلُ} من يعظم ذلك الولد، وأسبقكم إلى طاعته والانقياد له، كما يعظم الرجل ولد الملك لتعظيم أبيه.

وهذا كلام وارد على سبيل الفرض والتمثيل لغرض، وهو المبالغة في نفي الولد والإطناب فيه، وأن لا يترك الناطق به شبهة إلا مضمحلة، مع الترجمة عن نفسه بثبات القدم في باب التوحيد، وذلك أنه علق العبادة بكينونة الولد، وهي محال في نفسها، فكان المعلق بها محالًا مثلها، فهو في صورة إثبات الكينونة والعبادة، وفي معنى نفيهما، على أبلغ الوجوه وأقواها.

ونظيره: أن يقول العدلي للمجبر: إن كان الله تعالى خالقًا للكفر في القلوب،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (وكانوا يتنادون): الجوهري: "تنادوا؛ أي: تجالسوا في النادي، والندي: فعيل؛ مجلس القوم ومتحدثهم، وكذلك الندوة والنادي والمنتدى".

قوله: (أن يقول العدلي للمجبر: أن كان الله خالقًا للكفر) إلى آخره: الانتصاف: "لقد اقتحم عظيمًا في تمثيله، فيقال له: وقد ثبت عقلًا وشرعًا أنه خالق لذلك في القلوب، وفاء بأنه

<<  <  ج: ص:  >  >>