للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

من عبد يعبد: إذا اشتد أنفه فهو عبد وعابد. وقرأ بعضهم: "العبدين".

وقيل: هي "إن" النافية، أي: ما كان للرحمن ولد، فأنا أول من قال بذلك وعبد ووحد، وروي: أنّ النضر بن عبد الدار بن قصي قال: إن الملائكة بنات الله، فنزلت، فقال النضر: ألا ترون أنه قد صدقني، فقال له الوليد بن المغيرة: ما صدقك، ولكن قال: ما كان للرحمن ولد، فأنا أول الموحدين من أهل مكة؛ أن لا ولد له.

وقرئ: "ولد" بضم الواو.

ثم نزه ذاته -موصوفة بربوبية السماوات والأرض والعرش- عن اتخاذ الولد، ليدل على أنه من صفة الأجسام، ولو كان جسمًا لم يقدر على خلق هذا العالم وتدبير أمره.

[{فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ} ٨٣]

{فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا} في باطلهم، {وَيَلْعَبُوا} في دنياهم، {حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ} وهذا دليل على أنّ ما يقولونه من باب الجهل والخوض واللعب، وإعلام لرسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم من المطبوع على قلوبهم الذين لا يرجعون البتة، وإن ركب في دعوتهم كل صعب وذلول، وخذلان لهم، وتخلية بينهم وبين الشيطان، كقوله: {اعْمَلُوا ما شِئْتُمْ} [فصلت: ٤٠]، وإيعاد بالشقاء في العاقبة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وقوله: (وقرأ بعضهم: "العبدين"): قال ابن جني: "وهي قراءة عبد الرحمن اليماني، معناه: أول الأنفين، يقال: عبدت من الأمر أعبد عبدًا: أنفت منه، وهذا يشهد لقوله من قال: معنى: {أَوَّلُ العَابِدِينَ}: الأنفين".

قوله: (وقرئ: "ولد" بضم الواو): حمزة والكسائي.

قوله: (ولو كان جسمًا لم يقدر على خلق هذا العالم): مضى بيانه في "الأنعام" عند قوله: {بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إني يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ} [الأنعام: ١٠١].

<<  <  ج: ص:  >  >>