للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وكقوله تعالى: {أَفْرِغْ عَلَيْنا صَبْرًا} [البقرة: ٢٥٠]، فذكر العذاب معلقًا به الصب، مستعارًا له، ليكون أهول وأهيب.

يقال: {ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ} على سبيل الهزؤ والتهكم بمن كان يتعزز ويتكرم على قومه. وروي: أنّ أبا جهل قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: ما بين جبليها أعز ولا أكرم مني، فو الله ما تستطيع أنت ولا ربك أن تفعلا بي شيئًا. وقرئ: "أنك"، بمعنى: لأنك. وعن الحسن بن علي رضي الله عنهما: أنه قرأ به على المنبر.

{إِنَّ هذا} العذاب، أو: إن هذا الأمر هو {مَا كُنْتُمْ بِهِ تَمْتَرُونَ} أي: تشكون، أو تتمارون وتتلاجون.

[{إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقامٍ أَمِينٍ * فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * يَلْبَسُونَ مِنْ سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَقابِلِينَ * كَذلِكَ وَزَوَّجْناهُمْ بِحُورٍ عِينٍ * يَدْعُونَ فِيها بِكُلِّ فاكِهَةٍ آمِنِينَ * لا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلاَّ الْمَوْتَةَ الْأُولى وَوَقاهُمْ عَذابَ الْجَحِيمِ * فَضْلًا مِنْ رَبِّكَ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} ٥١ - ٥٧]

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وهو الحدور، وفي الحديث: "كأنما يمشي في صبب"، ومن المجاز: صب عليه البلاء من صبب، أي: من فوق".

قوله: (معلقًا به الصب، مستعارًا له): الفاء في "فذكر" متعلق بقوله: "صب العذاب طريقه الاسثعارة وقوله: "معلقًا" و"مستعارًا": حالان متداخلتان، أي: جعل الصب للعذاب، والعذاب لا يصب، مستعارًا لإصابته، على حذف المضاف، شبه العذاب بالمائع، ثم خيل له ما يلازم المائع من الصب، كما خيل الإفراغ للصبر بعد تشبيهه بالماء.

قوله: (ما بين جبليها): أي: جبلي مكة، وهما الأخشبان؛ أبو قبيس وثور.

قوله: (وقرئ: "أنك") الكسائي: بفتح الهمزة، والباقون: بكسرها.

?

<<  <  ج: ص:  >  >>