وكقوله تعالى:{أَفْرِغْ عَلَيْنا صَبْرًا}[البقرة: ٢٥٠]، فذكر العذاب معلقًا به الصب، مستعارًا له، ليكون أهول وأهيب.
يقال:{ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ} على سبيل الهزؤ والتهكم بمن كان يتعزز ويتكرم على قومه. وروي: أنّ أبا جهل قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: ما بين جبليها أعز ولا أكرم مني، فو الله ما تستطيع أنت ولا ربك أن تفعلا بي شيئًا. وقرئ:"أنك"، بمعنى: لأنك. وعن الحسن بن علي رضي الله عنهما: أنه قرأ به على المنبر.
{إِنَّ هذا} العذاب، أو: إن هذا الأمر هو {مَا كُنْتُمْ بِهِ تَمْتَرُونَ} أي: تشكون، أو تتمارون وتتلاجون.
وهو الحدور، وفي الحديث:"كأنما يمشي في صبب"، ومن المجاز: صب عليه البلاء من صبب، أي: من فوق".
قوله:(معلقًا به الصب، مستعارًا له): الفاء في "فذكر" متعلق بقوله: "صب العذاب طريقه الاسثعارة"، وقوله: "معلقًا" و"مستعارًا": حالان متداخلتان، أي: جعل الصب للعذاب، والعذاب لا يصب، مستعارًا لإصابته، على حذف المضاف، شبه العذاب بالمائع، ثم خيل له ما يلازم المائع من الصب، كما خيل الإفراغ للصبر بعد تشبيهه بالماء.
قوله:(ما بين جبليها): أي: جبلي مكة، وهما الأخشبان؛ أبو قبيس وثور.