قرئ:{فِي مَقَامٍ}، بالفتح، وهو موضع القيام، والمراد: المكان، وهو من الخاص الذي وقع مستعملًا في معنى العموم، وبالضم، وهو موضع الإقامة، و"الأَمِينٍ": من قولك: أمن الرجل أمانة فهو أمين، وهو ضد الخائن، فوصف به المكان استعارة، لأنّ المكان المخيف كأنما يخون صاحبه بما يلقى فيه من المكاره.
قيل: السندس: ما رق من الديباج، والإستبرق: ما غلظ منه، وهو تعريب "استبر". فإن قلت: كيف ساغ أن يقع في القرآن العربي المبين لفظ أعجمي؟ قلت: إذا عرب خرج من أن يكون عجميًا، لأن معنى التعريب: أن يجعل عربيًا بالتصرف فيه، وتغييره عن منهاجه، وإجرائه على أوجه الإعراب.
قوله:({فِي مَقَامٍ} بالفتح): نافع وابن عامر: بالضم، والباقون: بالفتح.
قوله:(وهو من الخاص الذي وقع مستعملًا في معنى العموم): نحوه: تعال، وأصله: موضع القيام، ثم عم واستعمل في جميع الأمكنة، حتى قيل لموضع القعود: مقام، وإن لم يقم فيه أصلًا، ويقال: كنا في مقام فلان، أي: في مجلسه.
قوله:(فوصف به المكان استعارة): أي: الاستعارة المكنية. الراغب:"أصل الأمن: طمأنينة النفس، وزوال الخوف، والأمن والأمانة والأمان في الأصل: مصادر، ويجعل الأمان تارةً اسمًا للحالة التي عليها الإنسان في الأمن، وتارةً اسمًا لما يؤمن عليه الإنسان، كقوله:{وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ}[الأنفال: ٢٧]، أي: ما ائتمنتم عليه".
قوله:(على: الأمر كذلك): روي عن المصنف أنه قال: والمعنى فيه: أنه لم يستوف الوصف، وأنه بمثابة ما لا يحيط به الوصف، فكأنه قال: الأمر نحو ذلك، وما أشبهه، وليس يعين الوصف ويحققه.