للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقرأ ابن عباس: " منة"، وقرأ سلمة بن محارب: "منه"، على أن يكون "منه" فاعل {سَخَّرَ} على الإسناد المجازي، أو على أنه خبر مبتدأ محذوف، أي: ذلك -أو: هو- منه.

[{قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ لِيَجْزِيَ قَوْمًا بِما كانُوا يَكْسِبُونَ * مَنْ عَمِلَ صالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَساءَ فَعَلَيْها ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ} ١٤ - ١٥]

حذف المقول لأنّ الجواب دال عليه، والمعنى: قل لهم: اغفروا يغفروا، {لا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ} لا يتوقعون وقائع الله بأعدائه، من قولهم لوقائع العرب: أيام العرب. وقيل: لا يأملون الأوقات التي وقتها الله لثواب المؤمنين، ووعدهم الفوز فيها. قيل: نزلت قبل آية القتال، ثم نسخ حكمها. وقيل: نزولها في عمر رضي الله عنه، وقد شتمه رجل من غفار، فهمّ أن يبطش به. وعن سعيد بن المسيب: كنا بين يدي عمر بن الخطاب، فقرأ قارئ هذه الآية، فقال عمر: ليجزي عمر بما صنع.

{لِيَجْزِيَ} تعليل الأمر بالمغفرة، أي: إنما أمروا بأن يغفروا لما أراده الله من توفيتهم جزاء مغفرتهم يوم القيامة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (وقرأ ابن عباس: "منة"): قال ابن جني: "وقرأها أيضًا [عبد الله بن] عمرو الجحدري، فهي منصوبة على المصدر، دل عليه قوله: {سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَوَاتِ ومَا فِي الأَرْضِ جَمِيعً}، لأن ذلك من منة الله تعالى، أي: من عليه منة".

قوله: (على أن يكون "منه" فاعل {سَخَّرَ} على الإسناد المجازي): ووجهه: أن الله تعالى سخر ذلك للمنة علينا، فكأن المنة هو السبب في ذلك.

قوله: (لأن الجواب دال عليه): أو {يَغْفِرُوا} دال على أن المقول: اغفروا، كقوله: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا}، أي: في القتال، فحذف، لأن {يُقَاتَلُونَ} دل عليه.

?

<<  <  ج: ص:  >  >>