لأنّ "آيات ربهم" هي القرآن، أي: هذا القرآن كامل في الهداية، كما تقول: زيد رجل، تريد: كامل في الرجولية، وأيما رجل. "والرجز": أشد العذاب، وقرئ بجر "أليم" ورفعه.
{وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ} بالتجارة، أو بالغوص على اللؤلؤ والمرجان، واستخراج اللحم الطري وغير ذلك من منافع البحر.
فإن قلت: ما معنى {مِنْهُ} في قوله: {جَمِيعًا مِنْهُ}، وما موقعها من الإعراب؟ قلت: هي واقعة موقع الحال، والمعنى: أنه سخر هذه الأشياء كائنة منه، وحاصلة من عنده، يعني: أنه مكوّنها وموجدها بقدرته وحكمته، ثم مسخرها لخلقه. ويجوز أن يكون خبر مبتدأ محذوف، تقديره: هي جميعًا منه، وأن يكون {وَسَخَّرَ لَكُمْ} تأكيدًا لقوله: {سَخَّرَ لَكُمْ}، ثم ابتدئ قوله:{ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ}، وأن يكون {ما فِي الْأَرْضِ} مبتدأ، و {مِنْهُ} خبره.
بالشكر على الإنعام، وبالتفكر على أن ذلك الإنعام أيضًا دليل من الدلائل السابقة، وأخرت من أخواتها تطرئةً للتنبيه، وعلم من ذلك أن التفكر ملاك التعقل والإيقان والإيمان، والله أعلم.
قوله:(وأيما رجل): تفسير ثان لقوله: "زيد رجل". فإن قلت: ليس ما في الآية كالمثال، لأن "رجل" هو "زيد"؟ قلت: بل الكتاب هو هدىً مبالغة، قال صاحب "المفتاح": "أنت تعلم أن شأن الكتب السماوية الهداية لا غير، وبحسبها يتفاوت شأنهن في درجات الكمال".
قوله:(تقديره: هي جميعًا منه): أي: المذكورات كائنة منه جميعًا.