{بَيِّناتٍ} آيات ومعجزات، {مِنَ الْأَمْرِ} من أمر الدين، فما وقع بينهم الخلاف في الدين {إِلَّا مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ} ما هو موجب لزوال الخلاف، وهو {العِلْمُ}، وإنما اختلفوا لبغي حدث بينهم، أي: لعداوة وحسد.
{عَلى شَرِيعَةٍ} على طريقة ومنهاج، {مِنَ الْأَمْرِ} من أمر الدين، فاتبع شريعتك الثابتة بالدلائل والحجج، {وَلَا تَتَّبِعْ} ما لا حجة عليه من أهواء الجهال. ودينهم المبنى على هوى وبدعة -وهم رؤساء قريش حين قالوا: ارجع إلى دين آبائك-، ولا توالهم؛ إنما يوالي الظالمين من هو ظالم مثلهم، وأما المتقون: فوليهم الله، وهم موالوه. وما أبين الفصل بين الولايتين.
{هَذَا} القرآن {بَصائِرُ لِلنَّاسِ وَهُدًى} جعل ما فيه من معالم الدين والشرائع بمنزلة البصائر في القلوب، كما جعل روحًا وحياة، (و) هو (هدًى) من الضلالة، {وَرَحْمَةٌ} من العذاب لمن آمن وأيقن. وقرئ:"هذه بصائر"، أي: هذه الآيات.
فإذن الخبر مضمر، كما أضمر "الشمس" في قوله: {حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ}[ص: ٣٢]، لأن {إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ}[ص: ٣٢] دليل على تواري الشمس.
قوله:(بمنزلة البصائر في القلوب): البصيرة في القلب: ما يستبصر به الإنسان، كما أن البصر في العين: ما يبصر به. وقيل: أن البصيرة نور القلب، كما أن البصر نور العين.