قوله:(أصله: نظن ظنًا، ومعناه: إثبات الظن فحسب): قال صاحب"التقريب": وفيه نظر؛ لأن موردهما واحد، وهو الظن، والحصر حيث تغاير الموردان، والأولى أن يحمل المنفي على الاعتقاد المطلق؛ تعميمًا للخاص، والمثبت على موضوعه، أي: لا نعتقد إلا اعتقادًا راجحًا لا جازمًا، ولذلك أكده بقوله:{ومَا نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ}، أو يحمل المنفي على موضوعه، ويخصص المثبت بالظن الضعيف.
قلت: أخذ الوجه الأول من قول الواحدي: " {إن نَّظُنُّ إلاَّ ظَنًا}: أي: ما نعلم ذلك إلا حدسًا وتوهمًا، وما نستيقن كونها"، ومن قول أبي البقاء:"إن الظن قد يكون بمعنى العلم والشك، فاستثنى الشك، أي: ما لنا اعتقاد إلا الشك".
وقلت: معنى سؤال المصنف رحمه الله: "ما معنى {إن نَّظُنُّ إلاَّ ظَنًا}؟ ": أن"المصدر فائدته كفائدة الفعل، فلو أجري الكلام على الظاهر لقيل: أن نظن إلا نظن، وهو ناقص من الكلام، ولم يجيزوا: ما ضربت إلا ضربًا؛ لأن معناه، ما ضربت إلا ضربت، لأنه لا فائدة فيه"، هذا كلام مكي. وقال أبو البقاء:"التقدير: أن نحن إلا نظن ظنًا، و"إلا" مؤخرة، ولولا هذا التقدير لكان المعنى: ما نظن إلا نظن".