ولعل المصنف ما تعرض لمعنى الاستغراق الذي يعطيه معنى التعريف في"الحمد"، وتقديم"لله" عليه، كما تعرض في فاتحة الكتاب؛ أنه لمطلق الجنس، لا للاستغراق؛ فرارًا مما لا يطاق.
واعلم أنك إذا ضممت مع معنى الزبدة والخلاصة من قوله:{رَبِّ السَّمَوَاتِ ورَبِّ الأَرْضِ رَبِّ العَالَمِينَ}، وهو تصوير عظمة الله، معنى قوله:{ولَهُ الكِبْرِيَاءُ فِي السَّمَوَاتِ والأَرْضِ}، وأخذت فائدة تقديم المسند على المسند إليه فيهما، لمحت مسحةً من معنى الحديث القدسي:"الكبرياء ردائي، والعظمة إزاري، فمن نازعني واحدًا منهما قذفته في النار"، أخرجه الإمام أحمد ومسلم وأبو داود وابن ماجه عن أبي هريرة.
وإذا تأملت معنى الفاء في قوله:{فَلِلَّهِ الحَمْدُ}، وترتبه على معاني السورة المحتوية على آلاء الله وأفضاله، المشتملة على الدلائل الآفاقية والأنفسية، المنطوية على البراهين الساطعة والنصوص القاهرة في المبدأ والمعاد، عثرت على أمور غربية وأسرار عجيبة.