وأقبلت عليك وأعرضت عني، لم "نتفق" في أنك أخذت ضميمتين، فعطفتهما على مثليهما. والمعنى: قل أخبروني إن اجتمع كون القرآن من عند الله مع كفركم به، واجتمع شهادة أعلم بني إسرائيل على نزول مثله وإيمانه به، مع استكباركم عنه وعن الإيمان به، ألستم أضل الناس وأظلمهم؟
من الله تعالى عليهم وإرشاد لهم بأن أعلم أهل الكتاب إذا شهد وآمن، فحق أمثالهم التلقي بالخضوع والاستكانة، فعكسوا أيضًا بالاستكبار والإعراض.
وهذا التقرير يؤذن بأن "استكبرتم" عطف على {فَآمَنَ}، وكلاهما مسببان عن {وشَهِدَ شَاهِدٌ}، وهذا أحسن من جعل المصنف عطف "استكبرتم" على {وشَهِدَ}، ويعضده قول القوم:"شرنا وابن شرنا".
وقوله تعالى:{وقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا لَوْ كَانَ خَيْرًا مَّا سَبَقُونَا إلَيْهِ} بالواو، عطفًا على مقدرات شتى، بيان لبعض استكبارهم الذي منعهم عن الإيمان بالقرآن.
قوله:(ألستم أضل الناس وأظلمهم؟ ): يريد: أن جواب الشرط محذوف، وهو هذا، قال الواحدي ومحيي السنة:"جواب الشرط محذوف، على تقدير: أليس قد ظلمتم، يدل عليه قوله:{إنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي القَوْمَ الظَّالِمِينَ}، وقال الحسن: جوابه: فمن أضل منكم، كما قال:{قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ثُمَّ كَفَرْتُمْ بِهِ مَنْ أَضَلُّ}[فصلت: ٥٢] الآية، وقال أبو علي: تقديره: أتأمنون عقوبة الله".
وقلت: تقدير إثبات مطلق الظلم أوفق لما سبق أنهم وضعوا الاستكبار موضع الإذعان والإيمان.