فاعبروها ولا تعمروها. وقال الله تعالى في آدم:{وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا}[طه: ١١٥]، وفي يونس:{وَلا تَكُنْ كَصاحِبِ الْحُوتِ}[القلم: ٤٨].
ويجوز أن تكون للبيان، فيكون:{أُولُو الْعَزْمِ} صفة الرسل كلهم.
{وَلا تَسْتَعْجِلْ} لكفار قريش بالعذاب، أي: لا تدع لهم بتعجيله، فإنه نازل بهم لا محالة، وإن تأخر، وأنهم مستقصرون حينئذ مدّة لبثهم في الدنيا حتى يحسبوها {ساعَةً مِنْ نَهارٍ}.
{بَلاغٌ} أي: هذا الذي وعظتم به كفاية في الموعظة، أو هذا تبليغ من الرسول عليه السلام، {فَهَلْ يُهْلَكُ} إلا الخارجون عن الاتعاظ به، والعمل بموجبه، ويدل على معنى التبليغ قراءة من قرأ:"بلغ فهل يهلك"، وقرئ:"بلاغًا"، أي بلغوا بلاغًا، وقرئ:"يهلك" بفتح الياء وكسر اللام وفتحها؛ مِن: هلك وهلِك، و"نهلك" بالنون، {إِلَّا الْقَوْمُ الْفاسِقُونَ}.
وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم:«من قرأ سورة الأحقاف كتب له عشر حسنات بعدد كل رملة في الدنيا».
قوله:(فيكون {أُوْلُوا العَزْمِ} صفة الرسل): أي: من حيث المعنى، لأن {مِنَ الرُّسُلِ} على هذا: حال من "أولي العزم"، وفي الحقيقة: الحال بيان لهيئة صاحبها، كالصفة، وعلى الأول:"من" للتبعيض.
قوله:(أو هذا تبليغ): قال القاضي: " {هَذَا} الذي وعظتم به، أو هذه السورة، {بَلَاغٌ} أي: كفاية، أو تبليغ من الرسول صلى الله عليه وسلم، وقيل:{بَلَاغٌ} مبتدأ، والخبر:{لَهُمْ}، وما بينهما اعتراض، أي: لهم وقت يبلغون إليه، كأنهم إذا بلغوه ورأوا ما فيه، استقصروا مدة عمره".
وقلت: الذي هو أقضى لحق البلاغة: أن تجعل الآية كالخاتمة للسورة، والفذلكة لما