وقوله:{فِيهَا أَنْهَارٌ} داخل في حكم الصلة كالتكرير لها، ألا ترى إلى صحة قولك: التي فيها أنهار. ويجوز أن يكون خبر مبتدأ محذوف: هي فيها أنهار، وكأن قائلًا قال: وما مثلها؟ فقيل: فيها أنهار، وأن يكون في موضع الحال، أي: مستقرّة فيها أنهار، وفي قراءة علي رضي الله عنه:"أمثال الجنة"، أي: ما صفاتها كصفات النار.
قوله:({فِيهَا أَنْهَارٌ} داخل في حكم الصلة كالتكرير لها): أي: للصلة، إحداها:{وعِدَ المُتَّقُونَ}، وثانيها:{فِيهَا أَنْهَارٌ}.
قوله:(ويجوز أن يكون خبر مبتدأ محذوف): عطف على قوله: "داخل في حكم الصلة"، لا على ما قبله، بدليل عطف:"وأن يكون في موضع الحال" على "أن يكون"، وفيه بحث، لأنه لا حاجة إلى تقدير المبتدأ؛ لأن {فِيهَا أَنْهَارٌ} جملة برأسها، ويلزم من كونها بيانًا وقوع الاستئناف قبل مجيء خبر الجملة السابقة التي هي مورد السؤال، اللهم إلا أن يقال: يقدر للجملة الأولى خبر، وللثانية مبتدأ، كما فعل أبو البقاء، أي: فيما نقص عليك مثل الجنة، وقوله:{فِيهَا أَنْهَارٌ} مستأنف شارح لمعنى المثل، وقوله:{كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ} في موضع رفع، أي: حالهم كحال من هو خالد في النار، أو نصب، أي: يشبهون.
وقدر المصنف في "الأنعام"- عند قوله:{كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ}[الأنعام: ١٢٢]-: " {مَثَلُ الجَنَّةِ الَّتِي وعِدَ المُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ}: أي: صفتها هذه، وهي قوله:{فِيهَا أَنْهَارٌ} ".
قوله:(في موضع الحال): ذو الحال: الضمير الراجع من الصلة إلى الموصول؛ لأن الموصولة صفة للجنة، ولا بد فيها من الضمير، أي: الجنة التي وعد بها المتقون مستقرةً فيها الأنهار.
قوله: (وفي قراءة علي رضي الله عنه: "أمثال الجنة"): قال ابن جني: "قرأ علي وابن عباس رضي الله تعالى عنهما: "أمثال الجنة"، وهذه القراءة دليل على أن القراءة العامة بالتوحيد معناها