وقرئ:"أسن"، يقال: أسن الماء وأجن: إذا تغير طعمه وريحه، وأنشد ليزيد بن معاوية:
لقد سقتني رضابًا غير ذي أسن .... كالمسك فتّ على ماء العناقيد
{مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ} كما تتغير ألبان الدنيا، فلا يعود قارصًا ولا حازرًا، ولا ما يكره من الطعوم، {لَذَّةٍ} تأنيث لذّ، وهو اللذيذ، أو وصف بمصدر. وقرئ بالحركات الثلاث، فالجر على صفة الخمر، والرفع على صفة الأنهار، والنصب على العلة، أي: لأجل لذة الشاربين.
الكثرة، وذلك لما فيه من معنى المصدرية، ولهذا جاز:"مررت برجل مثل رجلين"، و "برجلين مثل رجال"، و "بامرأة مثل رجل"، ألا ترى أنك تستفيد في أثناء ذلك معنى التشبيه والتمثيل".
وأما "ما" في كلام المصنف في قوله: "ما صفاتها كصفات النار": فهي نافية، وذلك لما سبق له أن هذا الكلام في صورة الإثبات ومعنى النفي، وأما معنى الجمع في قوله: "كصفات النار": فلوقوع {كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي النَّارِ} الآية مشبهًا به، والمشبه متعدد، ذكر فيه أشياء ستة: الأنهار الأربعة مكررة، ثم قيل:{مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ} ثم {ومَغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ}، فيجب تقدير ما يقابلها في طرف المشبه به، وقد ذكر فيه شيئان: الخلود في النار وسقي الماء الحميم. وعلى تقدير ابن جني: لا يجب تقدير صفات على الجمع؛ لما ذكر من أنه جائز أن يقال: مررت برجلين مثل رجال، وعكسه.
قوله: (وقرئ: "أسن"): قرأ ابن كثير: بالقصر، والباقون: بالمد.
قوله:(فلا يعود قارصًا ولا حازرًا): الجوهري: "القارص: اللبن الذي يحذي اللسان، وفي المثل: عدا القارص فحزر، أي: جاوز إلى أن حمض"، و "الحازر- بتقديم الزاي-: اللبن الحامض".